×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

فقالا له: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعَادَا، فكان آخر ما قال: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ,وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» ([1]) فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ [التوبة: 113].

****

 بيَّن له صلى الله عليه وسلم فائدة ذلك، ترغيبًا له.

ففيه أن الداعية إلى الله يبيِّن للناس الترغيب، يرغِّبهم في الخير، ويبيِّن لهم العواقب الحسنة إن استجابوا، ويحذرهم من العواقب الوخيمة إن لم يستجيبوا؛ فالداعية يبشر وينذر.

ولكن جلساء السوء - والعياذ بالله - تسببوا في شقاوة هذا الرجل: «فقالا له» قال: أبو جهل وعبد الله بن أمية لأبي طالب معارضين لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟» أي: أتترك ملَّة أبيك؟ وهذا من إثارة النخوة الجاهلية، والحميَّة الجاهلية، وهي: التعصُّب الممقوت، وأتيا بالحجة الملعونة، وهي: ﴿إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ [الزخرف: 22]، وهذه يحتج بها المشركون، إذا جاءتهم الرسل قالوا: نحن وجدنا آباءنا على هذا، لا نقدر أن نترك دين آبائنا ونتبعكم. وفرعون لما جاءه موسى وهارون عليهما السلام قال: ﴿فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَى [طه: 51]، يحتج عليهم بما كانت عليه القرون الأولى من الكفر والشرك، فهي حجة مطَّردة عند المشركين، الاحتجاج بما عليه النَّاس، والآباء، والأجداد، وهذه الحجة حالت بين كثير من النَّاس وبين الإيمان - والعياذ بالله - إلاَّ من هداه الله.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1294)، ومسلم رقم (24).