وأنزل الله في أبي
طالب: ﴿إِنَّكَ
لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ﴾ [القصص: 56].
****
﴿لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ
لِلۡمُشۡرِكِينَ﴾ المشرك لا يجوز الاستغفار له ولا التَّرحُّم عليه إذا مات على الشرك،
وكذلك في حالة الحياة؛ فالمشرك لا يستغفر له وهو حي، ولا يُترحَّم عليه، وإنما
يطلب له الهداية، يُقال: اللهم اهده، أما الاستغفار له والترحُّم عليه لا يجوز
للمشركين، لا أحياءً ولا أمواتًا؛ لأنَّه لا تجوز محبتهم وموالاتهم ما داموا على
الشرك، وإبراهيم عليه السلام استغفر لأبيه لأنه وعده أن يستغفر له، ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ
أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ﴾ [التوبة: 114]. وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ
«وأنزل الله في أبي
طالب: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ﴾» ﴿إِنَّكَ﴾ أيها الرسول، ﴿لَا تَهۡدِي﴾ لا تملك هداية ﴿مَنۡ أَحۡبَبۡتَ﴾ من أقاربك وعمك،
والمراد بالمحبة هنا: المحبة الطبيعية، ليست المحبة الدينيَّة، فالمحبة الدينيَّة
لا تجوز للمشرك، ولو كان أقرب الناس: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ
أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ ْ﴾ [المجادلة: 22]، فالمودة الدينيَّة
لا تجوز، أما الحب الطبيعي فهذا لا يدخل في الأمور الدينيَّة.
﴿وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56] فنفى سبحانه وتعالى عن نبيه محمَّد صلى الله عليه وسلم أنه يملك الهداية لأحد، كما قال تعالى: ﴿لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ﴾ [البقرة: 272]، قال - سبحانه -: ﴿وَمَآ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِينَ﴾ [يوسف: 103].