فإن قلت: أليس الله
جل وعلا قال في الآية الأخرى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [الشورى: 52] فأثبت في هذه الآية
أن الرسول يهدي إلى صراط مستقيم؟
فالجواب عن ذلك: أن
الهداية هدايتان: هداية يملكها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهداية لا يملكها.
أما الهداية التي
يملكها الرسول فهي: هداية الإرشاد والدعوة والبيان.
أما الهداية
المنفيَّة فهي: هداية القلوب، وإدخال الإيمان في القلوب، فهذه لا يملكها أحد إلاَّ
الله سبحانه وتعالى.
فنحن علينا الدعوة،
وهداية الإرشاد والإبلاغ، أما هداية القلوب فهذه بيد الله سبحانه وتعالى لا أحد
يستطيع أن يوجد الإيمان في قلب أحد إلاَّ الله عز وجل هذا هو الجواب عن الآيتين
الكريمتين.
﴿وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ فلا يضع هداية القلب إلَّا فيمن يستحقُّها، أما الذي لا يستحقُّها فإن
الله يحرمه منها، والله عليم حكيم جل وعلا ما يُعطي هداية القلب لكل أحد، وإنما
يُعطيها - سبحانه - من يعلم أنه يستحقُّها، وأنه أهل لها، أما الذي يعلم منه أنه
ليس أهلاً لها، ولا يستحقُّها، فإن الله يحرمه منها، ومن ذلك حرمان أبي طالب، حرمه
الله من الهداية لأنه لا يستحقُّها، فلذلك حرمه منها، والحرمان له أسباب:
منها: التعصُّب للباطل، وحميَّة الجاهلية تسبِّبان أن الإنسان