القبور، وحذَّر صلى الله عليه وسلم من الصلاة
عند القبور، والدعاء عند القبور؛ لأن ذلك وسيلة إلى الشرك، وحذَّر صلى الله عليه
وسلم من إسراج القبور، فقال: «لَعَنَ اللهُ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ،
وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» ([1]) لأن هذا يَغرُّ
العوام، ويقولون: ما عمل به هذا العمل إلاَّ لأنه يضر أو ينفع، ولذلك أوصى النبي
صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «لاَ تَدَعْ قَبْرًا
مُشْرِفًا إِلَّا سوَّيته» ([2]) المشرف: هو المرتفع
بالبناء، «إِلَّا سوَّيته» يعني: هدمت البناء الذي عليه، وكذلك نهى صلى
الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، وطلائِها بالجص، أو بالنورة، أو بالبويات، أو
الألوان المزخرفة، لأن هذا يغرُّ العوام، ويظنون أنه ما عُمل به هذا العمل إلَّا
لأنه له خاصية، ونهى صلى الله عليه وسلم عن الكتابة على القبور، فلا يكتب على
القبور اسم الميت، ولا تاريخ وفاته، ولا مكانته، فلا يقال: هذا قبر العالم الفلاني
الذي عمل كذا وكذا، كل هذا لا يجوز؛ لأن هذا يغرر بالناس فيما بعد، ويقولون: ما
كُتبت هذه الكتابة إلَّا لأن هذا الميِّت له خاصيَّة. كل هذه الأمور نهى عنها
الشارع؛ لأنها وسائل إلى الشرك.
والمشروع في القبور أن تُدفن كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تُدفن بترابها، وتُرفع عن الأرض قدر شبر بالتراب من أجل أن تُعرف أنها قبور فلا تُداس، ويُجعل عليها نصائب من طرفيها لتحديد القبر، لأجل أن لا يوطأ، وما زاد عن ذلك فهو ممنوع.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3236)، والترمذي رقم (320)، والنسائي رقم (2043).