وعن عمر: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ
مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([1]) أخرجاه.
****
هكذا كانت القبور في
عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم في دفن الأموات.
المسألة التاسعة: فيه أن دَرْء
المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهذه قاعدة مشهورة، لأن عمل قوم نوح فيه مصلحة
جزئية وهي: تذكر حالة الصالحين، لكن المفسدة أكبر من هذا، وهو أن ذلك يؤول إلى
الشرك - والعياذ بالله -.
قوله: «وعن عمر» المراد به: عمر بن
الخطاب بن عمرو بن نُفَيْل العدوي القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين، وأفضل هذه الأمة
بعد أبي بكر الصدِّيق، رضي الله تعالى عن الجميع.
فهو عمر بن الخطاب
الذي أعزَّ الله به الإسلام والمسلمين، وفتح الله على يديه الفتوحات في المشرق
والمغرب، حتى اتسعت رُقْعة الإسلام في الأرض، وله من الفضائل الشيء الكثير، رضي
الله تعالى عنه وأرضاه وعن جميع صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان إلى يوم
الدين.
«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تُطْرُونِي»» هذا نهي منه صلى الله عليه وسلم عن الإطراء في حقه، والإطراء هو: زيادة المدح والمبالغة فيه، كما هي عادة بعض المدَّاحين من الشعراء وغيرهم، وهذه صفة ذميمة، فإن كثرة
([1]) أخرجه: البخار رقم (3261).