وعلى كل حال؛ لا
يجوز أن يُقال: إسرائيل، وإنما يُقال: اليهود، أو يقال: بنوا إسرائيل.
«كَمَا أَطْرَتِ
النَّصَارَى» أي: كما غلت النصارى في مدح المسيح عليه السلام.
«ابْنَ مَرْيَمَ» يُنسب إلى أمه
عليها السلام لأنه ليس له أب؛ لأن الله خلقه من أم بلا أب بقوله: ﴿كُن﴾ [آل عمران: 59]، فهو تكوَّن
بالكلمة من قوله: ﴿كُن﴾، ولذلك يُقال: «كلمة
الله»، تكوَّن من غير أب، فتكوَّن بأمر الله سبحانه وتعالى حين قال له: ﴿كُن﴾ فكان بأمر الله،
هذا سبب تسميته كلمة الله، والله قادر على كل شيء، الله خلق آدم من غير أب ولا أم،
خلقه من تراب بشرًا سويًّا، وخلق حوَّاء من غير أم، خلقها من آدم: ﴿خَلَقَكُم
مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا﴾ [النساء: 1]، وخلق عيسى كن أم
بلا أب، وخلق سائر البشر من أم وأب، ولهذا يقول الله جل وعلا: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ
ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ﴾ [آل عمران: 59]، فإذا كنتم تعجبون من خلق عيسى من أم بلا أب، فآدم عليه
السلام أولى بالعجب؛ لأن الله خلقه من تراب ﴿ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، فلا غرابة في قدرة
الله سبحانه وتعالى الله قادر على كل شيء، لا تتحكَّم فيه الأسباب، وإنما هو -
سبحانه - يتحكَّم في الأسباب والمخلوقات: ﴿يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ﴾ [آل عمران: 47] سبحانه وتعالى ولا
حَجْر على قدرته سبحانه وتعالى.
وكيف أطرت النصارى ابن مريم؟ قالوا: إنه ابن الله، أو هو الله، أو ثالث ثلاثة. ولا يزالون على هذه المقالة إلى الآن، في إذاعاتهم، وفي كتاباتهم.