لم يقل هذه المقالة، وإنما هذا من باب التوبيخ
لهؤلاء، ثمَّ قال: ﴿مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ
وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ ١١٧ إِن
تُعَذِّبۡهُمۡ فَإِنَّهُمۡ عِبَادُكَۖ وَإِن تَغۡفِرۡ لَهُمۡ فَإِنَّكَ أَنتَ
ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ
١١٨ قَالَ ٱللَّهُ هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ
جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ
ٱلۡعَظِيمُ ١١٩﴾ [المائدة: 117- 119] هذا تصديق للمسيح
عليه السلام على رءوس الأشهاد يوم القيامة، حينما يجتمع الأولون والآخرون يوم
القيامة، فهذا مآلهم - والعياذ بالله - وهذا موقف المسيح عليه الصلاة والسلام في
الدنيا والآخرة أنه عبد الله ورسوله، ليس له من الربوبية شيء، ولا يستحق من
العبادة شيئًا، وإنما العبادة حق لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك، وإذا كان المسيح
ليس له حق في العبادة، ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس له حق في العبادة، وجميع
الرسل، فكيف بغيرهم من الأولياء والصالحين.
ففي هذا الحديث دليل
على ما ساقه المصنِّف من أجله، وهو أن الغلو في الصالحين يسبِّبُ كفْرَ بني آدم
وتركهم دينهم.
وفي هذا شفقته صلى
الله عليه وسلم بأمته، حيث حذَّرهم مما وقعت فيه النصارى.
وفيه: النهي عن
التشبّه بالكفار.
ثمّ قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» «إِنَّمَا» هذه كلمة حَصْر، أي: أن شأني ومكانتي أنني عبد الله سبحانه وتعالى ليس لي من الربوبية شيء، والعبد لا يُغلَى فيه ويُطرَى، ويُرفع فوق منزلته.