×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

 وكان - أيضًا - من أشد الناس تحذيرًا من البدع والغلو، ومواقفه من المبتدعة مشهورة، وكلماته - رضي الله تعالى عنه - في ذلك مأثورة.

«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلاَثًا» المتنطعون: جمع متنطع، وأصل التنطع هو التقعُّر في الكلام إظهارًا للفصاحة، هذا هو أصل التنطع في اللغة. والمراد هنا: التنطع في الكلام، والتنطع في الاستدلال، والتنطع في العبادة.

والتنطع في الكلام معناه: أن يتكلم الإنسان بالكلمات الغريبة من اللغة التي لا يفهمها الناس، فيأتي بأسلوب وألفاظ من وحشي اللغة لا يعرفها النَّاس.

وكذلك من التنطع في الكلام: أن يخاطب الحاضرين بأشياء لا يفهمونها، النَّاس بحاجة إلى أن يبيِّن لهم عقيدتهم وعبادتهم وطهارتهم ومعاملاتهم، ثمَّ يذهب يتكلم في أشياء بعيدة عنهم، بل بعيدة من مجتمعهم، يتكلم في أمور السياسة، والأمور البعيدة، وأمور الدول، وأمور وسائل الإعلام، وأمور بعيدة، العوام لا يعرفون منها شيئًا، ولا يستفيدون منها شيئًا، ويخرجون من عنده بجهلهم، لا يعرفون أمور دينهم، بل منهم من لا يعرف كيف يصلي، منهم من لا يعرف كيف يتوضأ، ومنهم من لا يعرف كيف يغتسل من الجنابة، يخرجون بجهلهم، وما انتفعوا بهذا الكلام البعيد الغريب عن أسماعهم.. هذا من التنطع.

وغرض المتكلم أن يبيّن للناس أنه فاهم، وأنه مثقّف ولو على حساب الحاضرين، ولو ما فهموا، ولو ما عرفوا شيئًا.

وهذا من التنطع. 


الشرح