وشرار: جمع شر، وهو
أفعل تفضيل، والمراد به: أشد الناس شرًّا، فدلَّ على أن الذي يبني المساجد على
القبور أنه أشد الناس شرًّا - والعياذ بالله - وفي الحديث الآخر الذي سيأتي: «إِنَّ
مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءُ،
وَالذَّينَ يَبْنُونَ الْمَسَاجِدَ عَلَى الْقُبُورِ» ([1]) لأنهم فتحوا
للنَّاس باب الشرك بهذا الفعل، وتسبَّبوا في انحراف الأمة، وما حدث الشرك في هذه
الأمة إلَّا بسبب البناء على القبور.
وأول من بنى على
القبور في الإسلام - كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - هم: الشيعة، الفاطميون،
ثمَّ قلدهم من قلدهم من المنتسبين إلى السُّنَّة من الصوفية وغيرهم، فبنيت المساجد
على القبور في الأمصار.
ولا تزال الأمة
الإسلامية تعاني من شر هذه القبور وفتنتها، وحدوث الشرك في الأمة، الذي لا يقره من
يؤمن بالله ورسوله؛ لأنَّه شرك صُراح، وأصبحت هذه المساجد المبنية على القبور
أوثانًا تُعبد من دون الله، ويظن أصحابها أن ذلك من الإسلام، وأن من أنكره فهو
خارج عن الإسلام؛ كالذين يقولون: ﴿إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ
ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ﴾ [الزخرف: 23] فهم شرار الخلق، وإن كانوا يزعمون في أنفسهم أن
ذلك إصلاح، وأنهم خير الخلق.
ثم ذكر الشَّيخ عبارة لشيخ الإسلام ابن تيمية بعد الحديث وهي قوله: «فهؤلاء» يعني: اليهود والنصارى.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (3844)، والبزار رقم (1724)، والطبراني في «الكبير» رقم (10413).