×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

«فَقَالَ - وَهُوَ كَذَلِكَ- » يعني: في هذه الحالة الحرجة، لم يشتغل عن الدعوة إلى التَّوحيد، وإنكار الشرك، ونصيحة الأمة، صلوات الله وسلامه عليه.

والمناسبة: أنه لما شعر بالموت خشي على أمته أن تفعل عند قبره ما فعل من قبلها من الأمم عند قبور الأنبياء والصالحين، فلم يترك الفرصة تذهب، وإنما استغلها بالنصيحة للأمة عليه الصلاة والسلام.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذِّر من الشرك وهو في هذه الحالة، فهذا دليل على أن التحذير من الشرك أمر متعيَّن، وأنه يجب على الدعاة أن يهتموا بهذا الأمر اهتمامًا بالغًا قبل غيره، قبل أن يحثوا النَّاس على الصلاة والصيام، وترك الربا، وترك الزنا، وترك شرب الخمر، قبل ذلك ينهوهم عن الشرك، لا سيَّما إذا كان واقعًا في الأمة؛ فالسكوت عنه من الغش للأمة، لا بد أن يُبدأ به، وأن يُنهى عنه، وأن يُعمل على إزالته قبل كل شيء؛ لأنه إذا صلحت العقيدة صلحت بقية الأعمال.

أما إذا فسدت العقيدة فلا فائدة في الأعمال كلها، ولو ترك الربا، وتصدق بماله، وصلى الليل والنهار، وصام الدهر، وحج، واعتمر، وعنده شيء من الشرك الأكبر، فإن أعماله تكون هباءً منثورًا، لا فائدة منها، أما إذا كان موحِّدًا خاليًا من الشرك، فلو وقع في الكبائر، لو وقع في الزنا، ووقع في الربا، ووقع في المحرمات التي دون الشرك، فإنه يُرجى له المغفرة، وإن عذب بذنوبه فإنه لا يخلد في النار وهو مؤمن موحد، حكمه حكم المؤمنين، ولا بد له من دخول الجنة بتوحيده


الشرح