ولا يزال - والحمد
لله - في صيانة وأمانة، فلا يزال في بيته صلى الله عليه وسلم محاطًا بالجدران لا
يراه أحد، صيانة لقبره أن يُفعل عنده كما فعلت اليهود والنصارى عند قبور أنبيائهم.
هذه هي الحكمة في
دفنه صلى الله عليه وسلم في بيته، وعدم دفنه في المقبرة مع أصحابه في البقيع.
قال ابن القيم:
وَدَعَا بَأَنْ لاَ
يُجْعَلَ الْقَبْرُ الَّذِي *** قَدْ
ضَمَّه وَثَنًا مِنَ الأَْوْثَانِ
فَأَجَابَ رَبُّ
الْعَالَمِينَ دُعَاءَهُ *** وَأَحَاطَهُ بِثَلاَثَةِ الْجُدْرَانِ
حَتَّى اغْتَدَتْ
أَرْجَاؤُهُ بِدُعَائِهِ *** فِي عِزَّةِ وَحِمَايَةِ وَصِيَانِ
فدلَّ ذلك على تحريم
الغلو في القبور، والبناء عليها، واتخاذ بقاعها أمكنة للصلاة عندها، والدعاء عندها.
ويُستفاد من هذين
الحديثين مسائل عظيمة:
المسألة الأولى: تحريم البناء على القبور؛ لأن ذلك وسيلة إلى الشرك بالله عز وجل، لأن القبر إذا بُني عليه بنيَّة، أو جُعل عليه ستائر وزُخرف، فإن العوام والجهَّال يفتتنون به، ويظنون أنه ما عُمل به هذا العمل إلاَّ لأن فيه سِرًّا، وأنه محل للعبادة والدعاء وطلب الحاجات - كما هو الواقع - ولهذا كان هدي الإسلام في القبور أن الميت يُدفن في المقبرة العامة مع أموات المسلمين، ويُدفن في تراب قبره الذي حُفر منه، لا يزاد عليه، ويُرفع عن الأرض قدر شبر من التراب من أجل أن يعرف أنه قبر فلا يُداس، ولا يُبنى عليه شيء، هكذا كانت قبور