×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

وأما لعنة المتخذين عليها السُّرج؛ فالمراد بذلك: إضاءة المقبرة بالأنوار. لأن هذا وسيلة إلى الغلو في القبور، ويُفضي إلى الشرك، فإن هذا يجلب إليها أنظار النَّاس والجُهَّال، ثمَّ يزورونها، ويتردَّدون عليها، ثمّ يؤول هذا إلى الشرك، فلا يجوز أن تُضاء المقابر، بل تُجعل المقابر خالية من الإضاءة، وإذا احتاج النَّاس إلى دفن ميِّت في الليل فإنهم يأخذون معهم سراجًا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة عند الدفن بالليل.

وفي هذه النصوص فوائد عظيمة:

الفائدة الأولى: أن الغلو في قبور الأنبياء يصيِّرها أوثانًا تُعبد من دون الله بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([1]).

ومن الغلو فيها: اتخاذها مساجد، كما قال صلى الله عليه وسلم: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يعني: مصليات، يصلون عندها رجاء الإجابة.

الفائدة الثانية: أن الله - سبحانه - صان قبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجاب دعاءه، فحفظ من الغلو فيه، وأحيط بالجُدران التي تمنع الوصول إليه، بل تمنع رؤيته والوصول إليه، كل ذلك من أجل منع الغلو في قبره صلى الله عليه وسلم.

الفائدة الثالثة: فيه أن العكوف على قبور الصالحين يصيِّرها أوثانًا تُعبد من دون الله، كما حصل لقبر اللاَّت، فإنه صار وثنًا بسبب العكوف عنده بعد موته، كما أن الشرك حصل في قوم نوح بسبب الغلو في


الشرح

([1])  أخرجه: مالك في «الموطأ» رقم (414).