×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

لعنهم في سياق الموت، وقال - قبل أن يموت بخمس -: «أَلاَ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» ([1]) وهنا يقول: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ». «غَضَبُ اللهِ» والغضب صفة من صفاته سبحانه وتعالى فالله يغضب، كما أنه يفرح ويضحك ويحب، كما جاءت بذلك النصوص، وكل هذه الصفات تليق بجلاله، ليس كغضب المخلوق، ولا كفرح المخلوق، ولا كضحك المخلوق، ويحب كما يليق بجلاله لا كمحبة المخلوق.

ونُثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات من غير تحريف ولا تأويل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فنُثبت أن الله يغضب، وأنه يشتدُّ غضبه، وأنه يمقت، والمقت أشد الغضب: ﴿لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ [غافر: 10]، فالله يمقت بمعنى: أنه يشتد غضبه.

وهذا فيه أن من جعل القبر مسجدًا فقد اتخذه وثنًا يُعبد أي: اتخاذه مصلى.

ودلَّ على أن هذه الأضرحة المبنية على القبور التي يُطاف بها الآن، وينذر لها، ويُذبح لها، ويُستغاث بها أوثان، لا فرق بينها وبين اللاَّت والعزَّى ومناة الثالثة الأخرى، وإن سموها مساجد، أو سموها مقامات للصالحين، فالتسمية لا تغير المعنى، فهي أوثان كما سمَّاها الرسول صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (532).