التبليغ الخاص الذي هو الإلزام، والجهاد على
ذلك، والنبي أيضًا يجاهد. لكن يجاهد على شرع من قبله.
﴿مِّنۡ أَنفُسِكُم﴾ أي: من جنسكم من
العرب، تعرفون لسانه، ويخاطبكم بما تعرفون، كما قال تعالى: ﴿وَمَآ
أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمۡۖ﴾ [إبراهيم: 4] فهذا من نعمة الله أن جعل هذا الرسول عربيًّا يتكلم بلغتنا، ولم يجعله
أعجميًّا لا نفهم ما يقول، ولهذا قال: ﴿وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِيّٗا لَّقَالُواْ لَوۡلَا
فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥٓۖ ءَا۬عۡجَمِيّٞ وَعَرَبِيّٞۗ﴾ [فصلت: 44]
فمن رحمة الله أن
جعل هذا الرسول يتكلم بلغتنا، ونعرف نسبه، ونعرف لغته، ولم يكن أجنبيًّا لا نعرفه،
أو يكن أعجميًّا لا نفهم لغته، هذا من تمام النعمة على هذه الأمة، ولم يكن من
الملائكة، وهم جنس آخر من غير بني آدم، بل هو من جنسنا، ويتكلم بلغتنا.
«﴿عَزِيزٌ
عَلَيۡهِ﴾» أي: شاقٌّ.
«﴿ۡ مَا عَنِتُّمۡ﴾» العنت معناه: المشقَّة والتَّعب، ومعناه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم يشق عليه ما يشق على أمته، وكان يحب لهم التسهيل دائمًا، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يجب أن يأتي بعض الأعمال ولكنه يتركها رحمة بأمته خشية أن يشق عليهم، ومن ذلك: صلاة التراويح، فإنه صلاها بأصحابه ليالي من رمضان، ثم تخلف عنهم في الليلة الثالثة أو الرابعة، فلما صلَّى الفجر، بيَّن لهم صلى الله عليه وسلم أنه لم يتخلَّف عنهم إلاَّ خوف أن تُفرض عليهم صلاة التراويح، ثمَّ يعجزوا عنها، هذا من رحمته وشفقته بأمته.