وقوله تعالى: ﴿قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ
لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا﴾ [الكهف: 21].
****
فالآية الأولى فيها: أنهم يؤمنون
بالجبت والطاغوت، وهذه الآية فيها أن فيهم من عبد الطاغوت، فلا بد أن يكون من هذه
الأمة من يتشبَّه بهم في ذلك.
قال: «وقوله تعالى: ﴿قَالَ
ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا﴾» هذا في قصة أصحاب الكهف، وذلك أن جماعة من الفِتيان في
الزمان القديم آمنوا بالله، وأنكروا ما عليه أهل بلدهم من الشرك بالله، فلما ماتوا
بنى قومهم عليهم مسجدًا لأجل التبرك بهم.
﴿قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ
لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا﴾ فقالوا: هؤلاء رجال
صالحون، فيهم بركة، فيهم خير، نبني عليهم مسجدًا من أجل التبرُّك بهم، والصلاة
عندهم، والدعاء عندهم، لأنهم من أولياء الله، ونفّذوا ذلك بقوة السلطة لا بقوة
الحجة؛ لأنهم غُلبوا على أمرهم، أي: تمكنوا من تنفيذ ما أرادوا بقوتهم.
فالشاهد من الآية: أنه كان في أول الخليقة من يبني المساجد على القبور، فلا بدَّ أن يكون في هذه الأمة من يبني المساجد على القبور، تشبُّهًا بهم، وقد وقع هذا، ووُجِد في هذه الأمة من يبني المساجد على القبور، فدلَّ على وقوع الشرك في هذه الأمة كما وقع في الأمم السابقة عن طريق التشبُّه والمحاكاة.