عن أبي سعيد رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ
قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ
لَدَخَلْتُمُوهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ:
فَمَنْ.؟ أخرجاه.
****
قوله: «عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: «لتتبعن»» سبق أن اللاَّم هذه لام قسم،
فهي على تقدير: والله لتتَّبعن، وأكَّده بالنون الثقيلة.
«سنن» أي: طريق.
فالسَّنن - بالفتح -:
الطريق، أما السُّنن - بالضم - فهي جمع: سنَّة، وهي الطرق.
فمن قرأه سَنَن
فالمراد به: الطريق، وهذا هو المشهور.
ومن قرأه سُنَن
فالمراد به: جمع: سُنَّة وهي: الطرق.
والمعنى واحد.
«حَذْوَ الْقُذَّةِ
بِالْقُذَّةِ» «حَذْوَ»: منصوب على الحال، والقُذَّة: ريشة السهم الذي يُرمى به،
والمعنى: تُشبونهم كما أشبهت ريشة السهم ريشة السهم الأخرى.
«حَتَّى لَوْ
دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ» الجُحر - بالضم - هو:
السَّرَب الذي يكون في الأرض، ومنه جُحر الضب، الحيوان المعروف، وهو يحفر جحرًا من
أعسر الجحور، ومع هذا لو دخله اليهود والنصارى لكان في هذه الأمة من يفعل ذلك
تقليدًا لهم.
وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم؛ فالتقليد والتشبه بالكفار قائم على قدم وساق بأتفه الأشياء وأحقر الأشياء، لا لشيء إلَّا لأنهم يفعلونه، والمقلد يرى أنهم أهل العقول، وأنهم أهل التقدم والحضارة، فيقلدهم من أجل ذلك.