الصوفية الذين يتخذون رؤساء الطرق والمشايخ
أربابًا من دون الله، يحلِّلون ويحرِّمون، ويقولون: المريد ينبغي أن يكون مع
الشَّيخ كالميِّت بين يدي غاسله. وكذلك من يتعصَّب لشيخه ولو خالف الدليل، إلى غير
ذلك.
أما فقه هذه النصوص،
فإنها تدلُّ على مسائل كثيرة:
المسألة الأولى: في الآية الأولى
دليل على أن من اليهود والنصارى يؤمنون بالجبت والطاغوت، الذي هو: الشرك، والسحر،
والكِهانة، والطِّيرَة، والتَّنجيم، والحكم بغير ما أنزل الله. فسيوجد في هذه
الأمة من يؤمن بالجبت والطاغوت؛ تشبُّهًا بهم.
المسألة الثانية: في الآية دليل على
أن الموافقة لهم في الظاهر تسمَّى إيمانًا ولو لم يوافقهم في الباطن، لأن اليهود
لما قالوا كفَّار قريش: أنتم أهدى من الذين آمنوا سبيلاً. هم في الباطن يعتقدون
بُطلان هذا الكلام، ولكنهم وافقوهم في الظاهر، ليحصلوا على مناصرتهم لهم، ومع هذا
سمَّى الله هذا إيمانًا بالجبت والطاغوت.
فالذي يمدح الكفر
والكفار ولو بلسانه، ويفضِّل الكفر والكفار على المؤمنين؛ يُعتبر مؤمنًا بالجبت
والطاغوت، ولو كان قلبه لا يوافق على هذا؛ ما لم يكن مُكرهًا، ففيه رد على مرجئة
هذا العصر الذين يقولون: إن من تكلم بكلام الكفر لا يكفر حتى يعتقد بقلبه صحة ما
يقول.
وهذه دقيقة عظيمة ذكرها الشَّيخ في المسائل، وهي عظيمة جدًّا.