لأنها كثُرت في الأمة، بسبب وجود هذه الأوثان
التي يسمونها الأضرحة: ضريح السِتِّ نفيسة، ضريح البدوي، ضريح لفلان، صُرفت لها
العبادات من نذور وذبح لغير الله وتبرُّك بها وطواف بها ودعاء عندها إلى غير ذلك،
أو استغاثة بها من دون الله عز وجل يدعونها: المدد يا فلان، المدد يا سيِّدي فلان
أو يا رسول الله أو يا عليُّ أو يا أي شخص ينادونه، حتى في حالة الشدائد التي كان
المشركون الأولون يُخلصون فيها الدعاء لله، هؤلاء كلما اشتد بهم الكَرْب زاد
شركهم، فصاروا يستغيثون بالأولياء؛ فالسفينة - أو المركب - إذا غرق في البحر - أو
أشفى على الغرق - صاروا ينادون عليًّا، أو فلانًا، أو فلانًا؛ أدركنا، المدد يا
فلان، ولا يقولون: يا الله، مع أن المشركين الأولين إذا مسَّهم الضر في البحر ضلَّ
من يدعون إلاَّ الله سبحانه وتعالى ينادون الله، ويُخلصون له الدين، فإذا أنجاهم
إلى البر عادوا إلى الشرك.
والنذر على قسمين: نذر طاعة، ونذر
معصية.
فنذر الطاعة مثل: الاعتكاف في المسجد الحرام، أو الصلاة في المسجد الحرام، أو المسجد الأقصى، أو المسجد النبوي، ينذر أن يصلي في أحد المساجد الثلاثة، ويسافر إليه من أجل ذلك، هذا نذر طاعة، وهو في الأصل غير واجب، لكن لما نذره وجب عليه بنذره، والدخول في النذر ابتداءً غير مرغَّب فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، قال: «لاَ تَنْذُرُوا، فَإِنَّ النَّذْرَ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ