3- رمي
الكاتب لمناهجنا والقائمين عليها بالتَّعطيل، هو جُحودٌ لجدوى تلك المناهجِ،
ووصْفُه القائمين عليها بالمُعطلَّة لا يضرُّهم شيئًا، وهو كما يقول الشَّاعر:
وَإِذَا أَتَتْكَ
مَذَمَّتِي مِن نَاقِصٍ *** فَهِي الشَّهَادَةُ لِي بِأَنِّي فَاضِلُ
4- اقْتِراح الكاتب
أَنْ يُدرَس ما استجدَّ من قضايا الفِكْر المُعاصرِ اقتراحٌ وَجِيهٌ، لكنْ على
أَنْ لا يقتصر على دراسة تلك القضايا ويُترَك ما سبقها يَفتِّك بأفكار الجِيل،
وإِلاَّ كُنَّا كمَنْ يتقابل مع جماعات من الأَعْداء، فيُوجِّه دفاعه إلى واحدةٍ
منها، ويترُك البقيَّة تنقُض عليه من خَلْفِه.
وأَيضًا، لا يُمكن
مدافعة الأَفْكارِ المُنحَرِفَةِ المُعاصرةِ إلاَّ بعد دراسة الأَفْكارِ
المُنحرِفةِ التي سبقتْها؛ لأَنَّها في الغالب مُنْحَدِرةٌ عنها أَوْ مُشابِهةٌ
لها، وإِذَا عرفنا السِّلاح الذي قاوَم به أَسْلافُنا الأَفْكارَ المُنْحرِفَةَ في
وقْتهم، أَمْكننا أَنْ نستخدم ذلك السِّلاحَ في وجْه الأَفْكارِ المُعاصرةِ، فلا
غِنًى لنا عن الارتباط بأَسْلافنا، والإمامُ مَالِكٌ رحمه الله يقول: «لا يُصلِح
آخِرَ هذه الأُمَّةِ إلاَّ ما أَصْلح أَوَّلَها».
5- وأَمَّا قول
الكاتب: «إِنَّ أُسلوب اللُّغة في الوقْتِ الحاضرِ يجب أَنْ يخْتلف عن أُسلوب
اللُّغة في الوقْتِ الماضي في تدريس العقيدة»؛ فمعناه قطْعُ الصِّلة بسَلَفِنا
وبمُؤَلَّفاتِهم ورصيدِهم العِلْميِّ، وإِلاَّ فلماذا؟!.
هل كان السَّلَف
يُخاطِبون أَبْناءهم بلُغةٍ غيرِ العربيَّةِ الفُصْحى التي هي لُغةُ الكتابِ
والسُّنَّةِ وهي لُغَتُنا اليوم وإلى الأَبَد ما بقي القرآن؟!
ولماذا لا ينصح الكاتب بالعِناية بدراسة تلك الكُتُبِ، وتَكْثيفِ مناهجها، ورفْعِ الجِيل إلى مستواها، لا الهُبوط بها إلى مستوى الجِيل، إِنْ كان ناصحًا لأُمَّته ودِينِه؟!