×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

والجواب أَنْ نقول:

أ- لم يكن التَّفْويض المُطْلقُ ولا التَّأْوِيل للصِّفات عن ظاهرها في يومٍ من الأَيَّام مذهبًا لأَهْل السُّنَّة والسَّلَفِ الصَّالحِ، لأَنَّ مذهب السَّلَف وأَهْلِ السُّنَّة هو الإِيْمان بما دلَّت عليه صفاتُ الله تعالى من معنى الكمال، مع تفْويض كيْفيَّتها لله تعالى؛ كما نَقلْتَه أَنْتَ عن الإِمَامِ أَحْمَدَ والإمامِ مَالِكٍ وغيرِهما في مَطْلَع كلامِك.

وإِنَّما التَّفْويض والتَّأْوِيلُ مذهبان لِلْخَلَف، وهُمْ ليسوا في هذا الباب من أَهْل السُّنَّةِ والجماعةِ؛ لمُخالفتهم لمذهبهم فيه، والمُخالِف لا يُنسَب إلى من خالفه، وإن كانوا من أَهْل السُّنَّة في بقيَّة الأَبْواب التي وافقوا فيها أَهْل السُّنَّة.

ب- تأَوِيل الصِّفات عن معناها الحقيقيِّ لا يجوز في أَيِّ عصرٍ من العصور، ولا يجوز أَنْ نردَّ على أَهْل الباطل بباطلٍ، بل يجب أَنْ نَثبُت على الحقِّ، ولا نلتفت إلى شَغَب المُخالِف، ولا نتنازل عمَّا معنا من الحقِّ لأَجْل الرَّدِّ عليه.

والتَّأْوِيل باطلٌ، مَهْما صلحت نِيَّة فاعله، وحَسُنَ مقْصَدُه، وقد يعمل الشَّخص بعمل أَهْل النَّار وهو يظُنُّ أَنَّه يُحْسِن صُنْعًا؛ كما قال تعالى:

﴿قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا ١٠٣ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا [الكهف: 103- 104].

وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ [الزخرف: 37].

والباطل إِنَّما يُدفَع بالحقِّ، ﴿بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ [الأنبياء: 18].


الشرح