×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 قالوا: مَعيَّة علْمٍ؛ لئَلاَّ تتعدَّد الذَّات، وسنحكم بضلال الحافظِ ابنِ كَثِيرٍ؛ لأَنَّه قال في قولِه تعالى: ﴿وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ [ق: 16] ؛ قال: المراد: ملائكتُنا أَقْربُ إلى الإنسان من حبْل وَرِيدِه إِلَيه». انتهى كلامُه.

والجواب عن ذلك؛ نقول:

أ- نَعَمْ؛ مَن أَوَّل الصِّفات عن مدلولها إِلَى غير معانيها، فهو ضالٌّ؛ كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [الأعراف: 180]، ومن الإلحاد فيها صرْفُها عمَّا دلَّت عليه، وهذا ضلالٌ.

ب- وأَمَّا ما ذكَرْتَه من تفسير أَهْل السُّنَّةِ والجماعةِ لآياتِ المعيَّةِ بأَنَّها معيَّةُ علمٍ وإحاطةٍ؛ فليس هو مِن التَّأْوِيل الذي زعَمْتَه.

قال شيخُ الإِسْلام ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله في «الفَتْوى الحَمَويَّة»: «ولا يَحْسِب الحاسبُ أَنَّ شيئًا من ذلك يُناقض بعضَه بعضًا البتَّةَ؛ مِثْل أَنْ يقول القائل: ما في الكتابِ والسُّنَّةِ مِن أَنَّ الله فوق العرش يُخالفه في الظَّاهر قولُه: [الحديد: 4]، وقولُه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ» ([1])، ونحوُ ذلك؛ فإِنَّ هذا غلطٌ، وذلك أَنَّ الله معنا حقيقةً، وهو فوق العرش حقيقةً، كما جمع الله بينهما في قوله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعۡرُجُ فِيهَاۖ وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ [الحديد: 4]، فأخبر أَنَّه


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (406)، ومسلم رقم (547).