×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

ومنها قولُه: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ؛ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ...» إلخ؛ فإِنَّه جَعَل لعبْدِه بعد محبَّتِه هذه الأُمُورَ، وهو عندهم قبل المحبَّة وبعدها واحدٌ».

د- وأَمَّا قولُه: «وما هو المعنى المراد من الحدِيث الشَّريفِ: «إِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا...» إلخ؟» فنقول: المراد منه: قُرْبُ الله من عبده إِذَا تقرَّب إِلَيه بالعبادة، وقُرْب الله من عباده المُؤْمِنين ثابتٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ وإِجْماع أَهْل السُّنَّة.

قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ [البقرة: 186].

قال شيخُ الإِسْلام ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (5/ 464) في معنى الحديث: «وهو سبحانه قد وَصَف نفسَه في كتابه وفي سُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم بقُرْبه من الدَّاعي، وقُرْبه من المُتقرِّب إِلَيه».

وذكَر الآيةَ والحديثَ، وقال: (5/510): «فكلَّما تقرَّب العبد باختياره قَدْرَ شِبْرٍ؛ زاده الرَّبُّ قُرْبًا إِلَيه، حتَّى يكون كالمُتقرِّب بذراعٍ».

وقال العلاَّمةُ ابنُ القَيِّمِ في «الصواعق» (2/ 412- 413- المختصر»: «وقد بيَّنَّا أَنَّه سبحانه قريبٌ من أَهْل الإِحْسان، ومن أَهْل سُؤَالِه وإِجابتِه».

ويُوضِّح ذلك بأَنَّ الإِحْسان يقتضي قُرْبَ العبد من ربِّه، فيقرب ربُّه منه... إِلَى أَنْ قال: «فَإِنَّهُ مَن تَقَرَّبَ مِنْهُ شِبْرًا يَتَقَرَّبُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَن تَقَرَّبَ مِنْهُ ذِرَاعًا؛ تَقَرَّبَ مِنْهُ بَاعًا..».

إِلَى أَنْ قال: «وهو مع ذلك فوق سماواته، على عرشه؛ كما أَنَّه سبحانه يقرب من عباده في آخِر اللَّيل وهو فوق عرشه، ويدنو من أَهْل


الشرح