ومنها قولُه: «فَإِذَا
أَحْبَبْتُهُ؛ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي
يُبْصِرُ بِهِ...» إلخ؛ فإِنَّه جَعَل لعبْدِه بعد محبَّتِه هذه الأُمُورَ،
وهو عندهم قبل المحبَّة وبعدها واحدٌ».
د- وأَمَّا قولُه: «وما هو المعنى
المراد من الحدِيث الشَّريفِ: «إِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا...» إلخ؟»
فنقول: المراد منه: قُرْبُ الله من عبده إِذَا تقرَّب إِلَيه بالعبادة، وقُرْب
الله من عباده المُؤْمِنين ثابتٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ وإِجْماع أَهْل السُّنَّة.
قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ﴾ [البقرة: 186].
قال شيخُ الإِسْلام
ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (5/ 464) في معنى الحديث: «وهو
سبحانه قد وَصَف نفسَه في كتابه وفي سُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم بقُرْبه من
الدَّاعي، وقُرْبه من المُتقرِّب إِلَيه».
وذكَر الآيةَ
والحديثَ، وقال: (5/510): «فكلَّما تقرَّب العبد باختياره قَدْرَ شِبْرٍ؛ زاده
الرَّبُّ قُرْبًا إِلَيه، حتَّى يكون كالمُتقرِّب بذراعٍ».
وقال العلاَّمةُ
ابنُ القَيِّمِ في «الصواعق» (2/ 412- 413- المختصر»: «وقد بيَّنَّا أَنَّه سبحانه
قريبٌ من أَهْل الإِحْسان، ومن أَهْل سُؤَالِه وإِجابتِه».
ويُوضِّح ذلك بأَنَّ
الإِحْسان يقتضي قُرْبَ العبد من ربِّه، فيقرب ربُّه منه... إِلَى أَنْ قال:
«فَإِنَّهُ مَن تَقَرَّبَ مِنْهُ شِبْرًا يَتَقَرَّبُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَن
تَقَرَّبَ مِنْهُ ذِرَاعًا؛ تَقَرَّبَ مِنْهُ بَاعًا..».
إِلَى أَنْ قال: «وهو مع ذلك فوق سماواته، على عرشه؛ كما أَنَّه سبحانه يقرب من عباده في آخِر اللَّيل وهو فوق عرشه، ويدنو من أَهْل