×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

البَركة منهما، وكان ذلك هو الذي أَثَار ثائرةَ المسلمين في كلِّ مكانٍ، وعدُّوا من أَجْله الوهَّابيِّين حربًا على الإسلام، لأَنَّهم لا يُقدِّسون مقدَّساتِه، ولا يُوقِّرون حُرُماتِه».

والجواب على ذلك أَنْ نقول: إِنَّ هدْم القباب المُقامةِ على القبور هو واجبٌ جميع المسلمين؛ تنفيذًا لأَمْر الرَّسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: «وَلاَ تَدَعْ قَبْرًا مُشْرِفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ» ([1]).

وأَمَّا التَّمسُّحُ بالكعبة؛ فالوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو اسْتلام الحَجَر الأَسْودِ، وتقبيلُه، واسْتلامُ الرُّكْن اليمانيِّ دون بقيَّة الأَرْكان.

ولهذا أَنْكر ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما على مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه لمَّا كان يستلم أَرْكانَ الكعبة كلَّها، ويقول: ليس من البيت شيءٌ مهجورٌ. وذكَر له ابْنُ عَبَّاسٍ فعْلَ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وتلا عليه هذه الآيةَ الكريمةَ: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ [الأحزاب: 21]. فتراجع مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه عن رأْيِه؛ اتِّباعًا للرَّسول، قال: صَدَقْتَ ([2]).

وهذا شأْنُ المسلم، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا [الأحزاب: 36].

فادِّعاء الأُسْتاذ أَنَّ علماء الدَّعْوة يمنعون التَّمسُّح بالكعبة مطلقًا ادِّعاءٌ خاطئٌٌٌ، وأَمَّا التَّمسُّح بقبْر الرَّسول صلى الله عليه وسلم، فهو حرامٌ، ووسيلةٌ من وسائل الشِّرْك، وكذا التَّمسُّح بقبْر غيرِه من باب أَوْلى، والمنع من ذلك واجبٌ، وهو من محاسن الدَّعْوة لا من مثالبها.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (969).

([2])أخرجه: الترمذي رقم (858)، وأحمد رقم (2210).