ولقد اصطدمتْ هذه
الدعوةُ وهي وليدةٌ في مهدها بقوَّةٍ عاتيةٍ، ولو لم تكن تستند إِلَى أُصولٍ
ثابتةٍ من الحقِّ، وتقوم على دعائمَ قويَّةٍ من الإِيْمان؛ لقُضِي عليها من أَوَّل
صدمةٍ، ولَمَا واصلَتْ سيرَها في الحياة، ولَمَا بَقِيَ منها في قلوب النَّاس
أثَرٌ ينتفع به...».
إِلَى أَنْ يُقال: «لقد وقَف أَتْباع
هذه الدَّعْوة وقْفةً لا يُمكن أَنْ تُوصَفَ بأَقلَّ مِن مواقفِ الشُّهداء من
أَتْباع الأَنْبياء وحواريِّيهم...».
إِلَى أَنْ قال
بعدما ذكَر موقفَهم من حملة إِبْرَاهِيمَ باشا: «وهكذا الدَّعْوات
الخاصَّةُ والمبادئُ السليمةُ أَشْبهُ بالمعادنِ الكريمةِ، تزيدها النَّارُ وهجًا
وبريقًا، وكالنَّبْتِ الطيِّبِ يزيده الحريقُ أَرِيجًا وطِيبًا، فلقد كانت هذه
الدِّماءُ الزَّكيَّةِ التي أُريقَتْ في سبيل الدَّعوة أَكْرمَ على الله من أَنْ
تذْهب هدرًا، أَوْ تضيع هباءً، ولقد كانت غذاءً طيبًا لتلك الشَّجرةِ المباركةِ،
فزكَّت وأَيْنعتْ وأَطْلعتْ أَطْيبَ الثَّمرات...».
هذا ما قاله
الأُسْتاذ في ثنائه على دعوة الشَّيخ وتزكيتِها.
فهل تراه نسِي ما كتَبه
قبل ذلك من وصْفها بتلك الصِّفاتِ المُنفِّرة: الغُلُوِّ، والتَّطرُّفِ، وتكفيرِ
جميعِ المسلمين؟ـ
كيف نجمع بين طرفيْ
كلامِه وهما نقيضان، والجمع بين النَّقيضين مستحيلٌٌ، فكيف يجتمع في دعوة الشَّيخ
هذا وذاك؟ـ!
ثانيًا: إِذَا كانتْ دعوة
الشَّيخ هي الحقُّ؛ كما شهِد به الأُسْتاذ وغيرُه، وكما هو الواقع الذي لا شكَّ
فيه؛ فما خالفها، فهو الباطل قطعًا، ﴿فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ﴾ [يونس: 32].
وليست هذه المخالفة
في مسألة اجتهاديَّةٍ فروعيَّةٍ، بل في صميم العقيدة.