فالدَّكْتور بهذا
الدِّفاع يُقَرِّرُ أُمُورًا بعْضَها متناقضٌ:
فهو لا يرى أَنَّ ما
في «نَهْج البلاغة» من ذِكْر الوَصِيِّ والوَصايةِ يُوجب الطَّعْنَ فيه!!.
ثُمَّ يدَّعي أَنَّه
ليس في «نَهْج البلاغة» ما يُخالف كتُب السَّنَّة، ولسْتُ أَدْري هل هو يعْني كلَّ
ما فيه أَوْ مسْأَلَةَ الوَصِيِّ والوَصايةِ فقَطْ؟!ـ
ثُمَّ ينفي وجودَ
ذِكْرٍ للوَصِيِّ والوَصايةِ في هذا الكتاب؛ إلاَّ تعليم النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم لعَلِيٍّ فهو بهذا يُثْبِتُ ثُمَّ يَنْفِي!
ونحن بتتبُّعنا
للكتاب وجدْنَا فيه عشرات المواضع تتضمَّن ذِكْر الوَصاية، فإِثْباتًا لما نفاه
الدَّكْتور؛ نسوق هذه النَّماذجَ من الكتاب:
قال في الجُزْءِ
الأَوَّلِ (ص: 24) يصِف أَهْل البيْت بأَنَّهم: «موضع سرِّه - يعني: النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم -، ولجأُ أَمْره، وعيبةُ علْمِه، وموئِلُ حُكْمِه، وكهوفُ
كتُبِه، وجبالُ دينِه، بهم أقام انحناءَ ظهْرِه وارتعادَ فرائِصِه».
وقال في مطْلع
الخُطْبة الشَّقْشَقِيَّةِ التي ضمَّنها مسبَّةَ أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ
وادَّعى فيها اختصاصَ عَلِيٍّ بالخِلافة دونهم؛ قال: «أَمَّا والله لقد تقمَّصها -
يعني: الخِلافة - فُلانٌ - يعني: أَبَا بَكْرٍ - وإِنَّه ليعلم أَنَّ محلِّي منها
محلُّ القُطُبِ من الرَّحى».
إِلَى أَنْ قال: «فصبَرْتُ وفي
العين قذًى، وفي الحلْق شجًى، أَرَى تُراثي نهبًا، حتَّى مضى الأَوَّلُ لسبيله،
فأَدْلى بها إِلَى فُلانٍ بعْدَه - يعْني عُمَرَ - فيا عجبًا بينا هو يستثقلها في
حياته إَذْ عقدها لآخَر بعد وفاته».
إِلَى أَنْ قال: «فصَبَرْتُ على
طُول المُدَّة، وشدَّة المِحْنة، حتَّى إِذَا مضى لسبيله جَعَلَها في جماعةٍ زَعَم
أَنِّي أَحَدُهم، فيا لله وللشُّورى، متَّى اعترض الرَّيب فيَّ مع الأَوَّل منهم
حتَّى صرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذه النَّظائِر،