في مَأْكله ومشربِه وملبسِه، حتَّى خَرَج شهيدًا
لم يتلوَّث لهم بمالٍ، ولا ولَّى أَحَدًا من أَقَاربه وِلايةً، هذا أَمْرٌ يعرفه
مَن يعرف وينصف، ثُمَّ بايَعوا عُثْمَانَ كلُّهم طوعًا منهم، فسَارَ وبَنَى على
أَمْرٍ قد استقرَّ قلْبَه بسكينةٍ وحِلْمٍ وهُدًى ورَحْمَةٍ وكَرَمٍ ولِيْنٍ» ا
هـ. المقصود من كلامه رحمه الله.
وعلى ما في «نَهْج
البلاغة» وما قرَّره الدَّكْتور؛ يعدُّ عملَ الصَّحابة هذا كلَّه خطأٌ، حيث
عدَّلوا بالخِلافة عمَّن يستحقُّها وأَهْلِها إِلَى من لا يستحقُّها، وليس لها
بِأَهْلٍ، فيلزم عليه أَنَّ الأُمَّة أَجْمعت على ضلالةٍ؛ عياذًا بالله من الكلام
الذي لا تُقدَّر عواقبُه ونتائِجُه ومستلزماتُه.
ولسْتُ أَدْري ما هي
أَوْثقُ كتُب السُّنَّة التي يزعم الدُّكْتور أَنَّ مَن تَتَبَّعَها أَدْرَكَ
المرارة التي كان يحسُّها عَلِيٌّ رضي الله عنه، لحِرْمانه من الخِلافة، فقد كان
يرى نفْسَه أَحَقَّ بها وأَهْلَها؟!
ولعلَّ هذه الكتُبَ
التي يُشير إِلَيها الدَّكُتور هي «نَهْج البلاغة» وشروحُه ومصادرُه للشِّيْعة و«البيانِ
والتبيين» للْجَاحِظِ المُعتزليِّ، و«روضاتِ الجنات» للخونساريِّ، و«الغديرِ».
وغيرِها مِن كتُب الشِّيْعة التي ذَكَرها الدَّكْتور في قائِمَة مراجعه لهذا
البحثِ.
ثُمَّ يُجيب
الدَّكْتور عن المطعن الثَّاني، وهو ما في «نَهْج البلاغة» من ذِكْر الوَصِيِّ
والوَصايةِ، فيقول: «ليس ذلك بمطعن عليه، ولمْ أَجِد في «نَهْج البلاغة»
شيئًا يخرج عمَّا وَرَدَ في كتُب السُّنَّة والتَّاريخِ».
إِلَى أَنْ قال: «وليس في «نَهْج
البلاغة» ما يدعم القضيَّة، أَوْ يدعو إِلَيها، اللَّهُمَّ إلاَّ ما جاء في كلام
عَلِيٍّ رضي الله عنه من علْم علَّمه إِيَّاه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ».