×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

وليس ذكر هذه الدَّعوى في كتاب «نَهْج البلاغة» بعجيبٍ؛ لأَنَّ الشِّيْعة يجعلون من مِيزات عَلِيٍّ أَنَّه يعرف الغيب.

انظر ما ذَكَره ابنُ المُطَهِّرِ، ورَدَّ الشَّيخُ تقيُّ الدِّين ابنُ تَيْمِيَّةَ عليه في «مِنْهاج السُّنَّة» (4/ 177) حتَّى تعرف أَنَّ «نَهْج البلاغة» يمشي على مُخطَّط الشِّيْعة.

ومن المطاعن على كتاب «نَهْج البلاغة» ممَّا لم يذكره الدَّكْتور ما فيه من الاعتزال في الصِّفات؛ لأَنَّ الرَّافضة اعتمدوا على كتُب المعتزلة في العقليَّات، فوافقوهم في القَدَر وسلبِ الصِّفات، وكان المُرْتَضَى واضعُ كتاب «نَهْج البلاغة» أَوِ المُشارِكُ في وضْعه - كما أَسْلَفْنَا - معتزليًا، بل قال عنه ابْنُ حَزْمٍ: إِنَّه من كبار المعتزلة الدُّعاةِ؛ كما نَقَلَه عنه الذَّهبيُّ في «الميزان».

ومن هذا المَشْرَبِ الكَدِرِ حشي «نَهْج البلاغة».

وإِلَيك نماذجَ من ذلك:

ففي الجُزْءِ الأَوَّلِ (ص: 8) يقول: «وكمال الإِخْلاص له: نفْيُ الصِّفات عنه؛ لشهادة كلِّ صفةٍ أَنَّها غيرُ الموصوف، وشهادةِ كلِّ موصوفٍ أَنَّه غيرُ الصِّفة، فمن وَصَفَ اللهَ سُبْحانه؛ فقد قَرَنه، ومَن قَرَنه؛ فقد ثنَّاه، ومَن ثَنَّاه؛ فقد جَزَأَه، ومَن جَزَأَه؛ فقد جَهِلَه، ومَن جَهِلَه؛ فقد أَشَار إِلَيه، ومن أَشَار إِلَيه؛ فقد حَدَّه، ومَن حَدَّه؛ فقد عَدَّه، ومَن قال: فَيمَ؟ فقد ضَمَنه، ومن قال: عَلاَمَ؟ فقد أَخْلَى منه».

وفي الجُزْءِ الثَّاني (ص: 145- 147) يقول: «ولا يُوصفُ بشيءٍ من الأَجْزاء، ولا بالجوارحِ والأَعْضاءِ...».


الشرح