ثُمَّ نَقَل ابنُ
حَجَرٍ في «لسان الميزان» كلامَ الذَّهبيِّ هذا مُقرِّرًا له.
فهؤلاء الأَئِمَّةُ:
شَيْخُ الإِسْلام، والإِمَامُ الذَّهبيُّ، والحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ، كلُّهم يجزمون
بكذب نِسْبة ما في هذا الكتابِ أَوْ أَكْثرِه إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
رضي الله عنه، وأَنَّه مِن وضْع مُؤَلِّفه.
وابنُ خَلْكَانَ
يحكي هذا أَيْضًا، ويحكي الخِلافَ في جامع هذا الكتاب: هل هو المُرْتَضَى أَوْ
الرَّضِيِّ؟ والذَّهبيُّ يتَّهم به المُرْتَضى. والذي يظهر لي أَنَّه من وضْع
الاثنين.
وقد قال مُحِبُّ
الدِّين الخَطِيب في حاشية «المنتقى من مِنْهاج السُّنَّة»: «وهذان الأَخَوان
تطوَّعا للزِّيادة على خُطَب أَمِير المؤمنين سيِّدِنا عَلِيٍّ كرَّم الله وجْهَه
بكلِّ ما هو طارئٌ عليها وغريبٌ عنها؛ من التَّعريض بإِخْوانه الصَّحابةِ، وهو
بريءٌ عند الله عز وجل من كلِّ ذلك، وسيبرأُ ِإلَيه من مُقْتَرفِي هذا الإِثْمِ».
وقال أيضًا لمَّا
ذَكَر أَنَّ مُؤَلِّف «نَهْج البلاغة» هو الرَّضِيِّ: «ومن المقطوع به أَنَّ
أَخَاه عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ المُرْتَضَى المُتَوَفَّى سنة (426 هـ) شاركه في
الزِّيادات التي دُسَّتْ في «النَّهْج»، ولا سيَّما الجُمَل التي لها مساسٌ
بأَحْباب عَلِيٍّ وأَوْلياء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كقول الأَخَوين أَوْ
أَحَدِهما: لقد تقمَّصها فلانٌ، وما خرج من هذه الحَمْأة». ا هـ.
وكلُّ من الأَخَوين رَافضيٌّ على ما ذَكَره الذَّهبيُّ في «الميزان»، وابْنُ حَجَرٍ في «لسان الميزان» وذَكَر الذَّهبيُّ في ترجمة المُرْتَضَى أَيْضًا عن ابنِ حَزْمٍ أَنَّه كان من كبار المعتزلة الدُّعاة، وكان إِمَاميًّا، وذَكَر الذَّهبيُّ أَنَّه أَخَذ العلوم عن الشَّيْخ المُفِيدِ الذي صنَّف كتابًا سمَّاه «مناسك حج المشاهد»، وحشاه بالكذب والشِّرْك، وجعل قبور المخلوقين تُحجُّ كما يُحجُّ البيتُ.