وقال أَيْضًا عمَّا
جاء في الخُطَب من التَّنميق اللفْظيِّ: «وهو أَمْرٌ رُبَّما عمل
فيه من نَقَل كلامَ أَمِير المؤمنين، فلم يكن تشريعًا كما كان كلامُ صاحب
الرِّسالة صلى الله عليه وسلم فيتحرَّى نقْله بلفْظه، وإِنْ كان مَهْيَعًا
للبلاغة، ومَنْهجًا للفصاحة، تُؤَثِّر فيه الرِّوايةُ الفصيحةُ، ويُؤْخَذ بالمتن
البليغِ». ا هـ.
فأَنْت ترى
التَّناقض في كلام الدَّكْتور، فهو حينما يكاد يجزم بصِحَّة نِسْبة ما في «نَهْج
البلاغة» إِلَى أَمِير المؤمنين عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بناءً منه
على ثِقَة الرَّضِيِّ في تحرِّيه ما صحَّتْ نِسْبتُه إِلَى عَلِيٍّ، ولعدم
الاعتراض عليه في ذلك من معاصريه، وكيف يقول الدَّكْتور هذا مع ما نَقَل هو
ونقلْنا نحن من معارضة كبار الأَئِمَّة في ذلك؟ ثُمَّ يتشكَّك في كلماتِه
الأَخِيرةِ، ويُقِرُّ باحْتمال الدَّخيل في الكتاب، وما دام تطرَّق الاحْتمال
إِلَى ما في الكتاب؛ فإِنَّه لم يعُد مُوَثَّقًا به.
على أَنَّنا مع هذا
كلِّه نُحيط الدَّكْتور علمًا أَنَّه لو خلا الكتاب من جميع الطُّعون؛ فلن تصحَّ
نِسْبتُه لعَلِيٍّ رضي الله عنه إلاَّ بالسَّند الصَّحيحِ المُتَّصلِ إِلَيه.
ذَكَر الإِمَامُ
مُسْلِمٌ في مقدِّمة «صحيحه» عن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ أَنَّه قال: «(الإِسْنادُ
مِن الدِّين، ولولا الإِسْنادُ؛ لَقَال مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ») انتهى.
أَهَمُّ المطاعن
المُوجَّهةِ إِلَى نَهْج البلاغة، وجوابُ الدَّكْتور عنها، ومناقشتُنا له:
ذَكَر الدَّكْتور
مُلخَّصًا للمطاعن المُوجَّهةِ إِلَى ذلك الكتاب؛ نقلاً عن عَبْدِ الزَّهْرَاءِ
الحُسَيْنِيِّ، ومِن أَهَمِّها: