فهذا معناه: أَنَّ طريقةَ السَّلَف طريقةٌ بِدائِيَّةٌ، تقف عند ظاهر النُّصوص،
وليستْ طريقةً علْميَّةً تنفذ إِلَى غَوْر النُّصوص ومقاصدِها، ومعناه أَيْضًا
أَنَّ المنصوصَ باطنًا وظاهرًا يختلفان؛ كما يقوله أَهْلُ الضَّلال.
التَّعْقيبُ العاشرُ: مِن (ص: 42- 47)
يُحاول أَنْ يسوغ مخالفة بعض الخَلَف لِمَنْهج السَّلَف باتِّساع بلاد الإِسْلام،
ودخولِ أَجْناس مِن البَشَر في دِين الإِسْلام، وهُمْ يحملون ثقافاتٍ أَجْنبِيَّةً
وبتوسُّعٍ في مجالات الحياةِ المعيشيَّةِ باختلاف الملابس والمباني والأَوَاني
والصِّناعاتِ والأَطْعِمةِ... إِلَى غير ذلك ممَّا ذَكَره من الكلامِ الطَّويلِ.
إِلَى أَنْ قال في
النِّهاية: «فلو كانت اتِّجاهات السَّلَف واجْتِهاداتُهم هذه حُجَّةً لذاتها، لا
تحتاج هي بِدَوْرِها إِلَى بُرْهانٍ أَوْ مُسْتَنَدٍ يَدْعَمُها؛ لأَنَّها
بُرْهانُ نفْسِها؛ إِذْ لَوَجَب أَنْ تكون تلك النَّظَراتُ «يعني نظراتِ السَّلَف»
المُتباعدةُ المُتناقضةُ؛ كلُّها حقًّا وصوابًا، ولَوَجَب المصيرُ -ودون أَيِّ
تردُّدٍ- إِلَى رَأْي المصوبة، ولَمَا احْتاج أُولَئِك السَّلَف رِضْوانُ الله
عليهم أَنْ يَلْجَؤوا أَخِيرًا من مشكلة هذا التَّناقضِ والاضطرابِ إِلَى مَنْهجٍ
علْميٍّ يضبط حُدودَ المصالح...» إِلَى آخِر ما قال.
ونحن نُجيبه عن ذلك
بجوابَيْن:
الجوابِ الأَوَّلِ: أَنَّ السَّلَف لم
يختلفوا في مسائل العقائِد والإِيْمانِ وإِنَّما اختلفوا في مسائل الاجْتِهادِ
الفرعيَّةِ، وليس ذلك اضطرابًا وتناقضًا؛ كما يقول، وإِنَّما هو اجْتِهادٌ.