×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 ولكنْ ليس من حقِّه أَنْ يَجْزِمَ بأَنَّ الذين خالفوه إِلَى الآراءِ الأُخْرى ضالون خارجون عن حظيرة الهُدى» ا هـ.

ونقول له: ليس هذا على إِطْلاقه، إِنَّما هو في المسائلِ الفروعيَّةِ التي هي مَسْرحٌ للاجتهاد، أَمَّا مسائل العقيدة؛ فلا مجالَ للاجتهاد فيها، وإِنَّما مدارها على التَّوقيف، ومن خالف فيها؛ ضُلِّل أَوْ كُفِّر بحَسَب مخالفته وقد ضلَّل السَّلَفُ القَدَريَّةَ والخوارجَ والجهميَّةَ وحَكَموا على بعضهم بالكُفْر؛ لمخالفتهم مَنْهج السَّلَف.

التَّعْقيبُ التَّاسعُ: زعم في (ص: 27- 31) أَنَّ الصَّحابة لم يكن بهم حاجةٌ إِلَى تحكيم ميزانٍ علْميٍّ في الاستنباط.

وهذا فيه إِجْمالٌ، فإِنْ أَرَاد بالميزانِ العلْميِّ فهْمَ النُّصوص ومعرفةَ معانيها وما يُراد بها؛ فهُمْ أَغْزرُ النَّاس علمًا في ذلك، وأَقَلُّهم تكلُّفًا، وإِنْ أَرَاد بالميزانِ العلْميِّ مَنْهجَ الجَدَل وعلْمَ الكلام؛ فهذا ميزانٌ جهليٌّ لا ميزانٌ علْميٌّ، وهُمْ أَغْنى النَّاس عنه، وقد تركوه وحذَّروا منه وضلَّلوا أَصْحابه؛ لأَنَّه لا يُوصل إِلَى حقيقةٍ، ولا يهدي إِلَى صوابٍ، وإِنَّما آل بأَصْحابه إِلَى الشَّكِّ، وإِنْ زعم مَنِ ابْتُلِي به أَنَّه ميزانٌ علْميٌّ، ووَصَفوا أَنْفُسَهم بأَنَّ طريقتَهم أَعْلمُ وأَحْكمُ، وأَنَّ طريقةَ السَّلَف أَسْلمُ، ويَصِفون السَّلَف بأَنَّهم ظاهريُّون؛ كما وَصَفَهم الدَّكْتور بذلك في هذا الكتابِ في (ص: 31)، فقال: «فإِنَّ الشَّأْنَ فيما ذكرْناه عنهم مِنِ ابْتِعادهم عن ساحة الرَّأْي وعدمِ الخوض فيما تلقَّوه مِن أَنْباءِ الغيب وغوامضِ المعاني، ووقوفِهم في ذلك مع ظاهر النُّصوص؛ دون تعطيلٍ ولا تشبيهٍ».


الشرح