وهذا القول الذي
ذَكَره قولٌ مُبْتدَعٌ في الإِسْلام؛ فإِنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم كان
يُرسِل رُسُلَه آحادًا ويقبل المُرْسَل إِلَيه خبرَهم من غير توقُّفٍ ولا تشكُّكٍ
في صِحَّة ما جاؤوا به، وكذلك الصَّحابة وأَتْباعُهم كانوا يتقبَّلون الأَحَاديثَ
الصَّحيحةَ ويحتجُّون بها، ولا يشكُّون في مضامينها في العقائد وغيرِها، ولا يُوجد
هذا التَّفريقُ في كلام السَّلَف، وإِنَّما وُجِد في كلام بعض الخَلَف، فهو تفريقٌ
مُبْتدَعٌ.
التَّعْقيبُ
السَّادسُ عشر: في (ص: 99) ذَكَر الدَّكْتور البُوطيُّ الأُصُول والأَحْكامَ التي لا
مجالَ للاختلاف فيها، وذَكَر منها: اليقين بأَنَّ الله عز وجل واحدٌ في
ذاته وصفاتِه وأَفْعالِه.
وهذا الذي ذَكَره لا
يزيد على توحيد الرُّبُوبيَّة الذي أَقَرَّ به المشركون وجُمْهُورُ الأُمَم،
فالإِقْرار واليقينُ به وَحْدَه لا يكفي حتَّى ينضاف إِلَيه توحيد الأُلُوهيَّة،
وهو إِفْراد الله بالعبادة وترْكُ عبادة ما سواه، وهذا أيضًا أَصْلٌ لا مجالَ
للاختلاف فيه.
وقولُه في هذه
الصَّفحةِ في الفِقْرة (رقم 4) عن صفات الله: «إِنَّها قديمةٌ قِدمَ ذاتِه»؛ هذا
ليس على إِطْلاقه، إِنَّما يُقال في صفات الذَّات، أَمَّا صفات الأَفْعال؛
كالاستواء والنُّزولِ والخلْقِ والرِّزْقِ؛ فهي قديمةُ النَّوع حادثةُ الآحاد،
وكذا قوله عن كلام الله: «فهو قديمٌ» ليس على إِطْلاقه؛ لأَنَّه من صفات
الأَفْعال، فهو قديمُ النَّوع حادثُ الآحاد؛ كغيره من صفات الأَفْعال، وهذا
التَّفصيلُ معروفٌ عند أَهْل السُّنَّة والجماعةِ.