×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

ثانيًا: أَمَّا التَّوسُّل بدُعائِه صلى الله عليه وسلم فهو جائِزٌ في حياته؛ لأَنَّه يتمكَّن مِن الدُّعاءِ فيها أَمَّا بعْدَ وفاتِه؛ فطلبُ الدُّعاءِ منه بِدْعةٌ، ولا يجوز؛ لأَنَّه لا يقْدِر على الدُّعاءِ ولأَنَّ الصَّحابة لم يفعلوا هذا معه بعد وفاته، وإِنَّما كانوا يفعلونه حالَ حياتِه، ولا تُقاس حالةُ الحياة على حالة الموت؛ لوجود الفوارقِ العظيمةِ بيْنهما عند جميع العُقلاءِ، وإِنَّما يقيس هذا القياسَ المُخرِّفون.

وإِنْ كان هو يزعم في (ص: 155) أَنَّ هذا التَّفْريقَ لمْ يُعرَفْ إلاَّ عن ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وأَنَّ السَّلَف لم يُفرِّقوا، ولم تُفرَّق الأَدِلَّةُ بيْنهما، وكأَنَّه لم يقرأْ ما ذَكَره العلماء في الموضوع، وما ذَكَره ابنُ تَيْمِيَّةَ في كتاب «التَّوسُّل والوسيلة» عن السَّلَف والأَئِمَّةِ في ذلك أَوْ أَنَّ تحامُلَه عليه أَنْساه ذلك.

ثُمَّ إِنَّه نَسَبَ إِلَى السَّلَف ما لم يقولوه، وحمَّل الأَدِلَّةَ ما لا تحتمله، ولم يأْتِ بدليلٍ واحدٍ على ما قال، وأَنَّى له ذلك؟ !

والواجب أَنَّ الباحث - أَمْثالَ الدَّكْتور البُوطيِّ - لا يُخَطِّئُ شخصًا ويتحاملُ عليه حتَّى يقرأَ كلامه وينظرَ في مستنداته، حتَّى يعرف هل هو مُخْطئٌ أَوْ مُصيبٌ؟ هذا هو الإِنْصافُ والعَدْلُ.

ولا ننسى أَنَّ الدَّكْتور البُوطيَّ له هناتٌ في غير هذا الكتابِ حوْلَ هذه المسأَلَةِ قد قام بالرَّدِّ عليها الشَّيخُ مُحَمَّدُ نَاصِرُ الدِّيْنِ الأَلْبَانِيِّ حفظه الله.

ثُمَّ إِنَّه في (ص: 146) يُهوِّن مِن شَأْن هذه المسأَلَةِ، ويقول: «هي أَقَلُّ مِن أَنْ تُصدِّعَ المسلمين، أَوْ تجعلَ منهم مَذْهبَيْنِ».

وأَقُول: كلاَّ والله إِنَّها لَمَسْأَلةٌ خطيرةٌ تمسُّ صميمَ العقيدة، وتجُرُّ إِلَى الشِّرْك، فكيف تكون هيِّنةً؟!


الشرح