×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

وقولُه: ما عبْدتُكَ خوفًا مِن نارِكَ، ولا طَمْعًا في جنَّتِكَ، مُخالِفٌ لهدْي الأَنْبِياءِ جميعًا، حيث وَصَفَهم الله بأَنَّهم يدْعونه رَغْبًا ورَهْبًا، ومُخالِفٌ لصِفة المُؤْمِنين الذين يدْعون ربَّهم خوفًا وطَمْعًا.

ولا يعني هذا أَنَّهم لا يعْبُدونه إلاَّ مِن أَجْل الخوفِ والطَّمْعِ فَقَطْ، بلْ هُمْ مع ذلك يُحبُّونه حبًّا شديدًا، ويذلُّون له؛ كما قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ [البقرة: 165]، وقال تعالى: ﴿فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ [المائدة: 54].

ولا تصحُّ العبادة إلاَّ باسْتكمال هذه الأَرْكان: المحبَّة، والذُّلِّ، والخوفِ، والرَّجاءِ.

ثُمَّ حَاوَلَ الدِّفاع عن ابْنِ عَرَبِي وما في كتُبه: من القول بوحْدة الوُجود، ففي هامش (ص: 104- 105) قال: «إِنَّه لا يجوز تكْفيرُه بموجب كلامه الذي فيه الإِلْحادِ الصَّريحِ، حتَّى يُعْلَم ما في قلْبه: هل يعتقد ما يقول أَوْ لا؟».

ولو صحَّ كلام الدَّكْتور هذا؛ ما كَفَر أَحَدٌ بأَيِّ قولٍ أَوْ فعْلٍ مهْما بَلَغ مِن القُبْح والشَّناعةِ والكُفْرِ والإِلْحادِ حتَّى يُشقَّ عن قلْبه ويُعْلَمَ ما فيه مِن اعْتِقادٍ!.

وعلى هذا؛ فعمل المسلمين على قتال الكَفَرة وقَتْلِ المُرْتدِّين خطأٌ على لازم قول الدَّكْتور؛ لأَنَّهم لم يعلموا ما في قلوبهم، وهل هم يعتقدون ما يقولون وما يفعلون مِن الكُفْر أَوْ لا.؟

واسْمع عبارتَه في ذلك حيث يقول: «وخلاصة المشكلة أَنَّه «يعني: شيخَ الإِسْلام ابنَ تَيْمِيَّةَ» ومَن يُقلِّده في نَهْجه يظَلُّون يَأْخُذون ابنَ عَرَبِي وأَمْثالَه بلازم أَقْوالهم دون أَنْ يحملوا أنفسهم على التَّأَكُّد مِن أَنَّهم يعتقدون فعلاً ذلك اللاَّزمَ الذي تصوَّروه».


الشرح