×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 أَمَّا السَّفَر لزيارة قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم فهو بِدْعةٌ، لأَنَّه لا يجوز السَّفَرُ لأَجْل زيارة القبور، لا قبْرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولا قبْرَ غيرِه مِن الأَوْلياءِ والصَّالحين؛ لقوله: صلى الله عليه وسلم «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى» ([1]).

وعملاً بهذا الحديثِ لمْ يكُن السَّلَف والأَئِمَّةُ الأَرْبعةُ وغيرُهم من الأَئِمَّة المُقتدى بِهم يُسافرون مِن أَجْل زيارة القبور.

وقد أَوْغَل الدَّكْتور في الخطأِ حين ادَّعى أَنَّ مذهبَ الجُمْهُور مِن علماءِ السَّلَف وغيرِهم أَنَّه لا ضيْرَ في أَنْ يعزم الرَّجُل على هذا.

فإَنْ كان قصْده العزْمَ على السَّفَر لزيارة قَبْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فعلماءُ السَّلَف ينْهون عمَّا نَهى عنه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم من السَّفَر لزيارة القبور عمومًا، قبْرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرَه.

ثُمَّ إِنَّ الدَّكْتور خَطَّأَ شيْخَ الإِسْلام ابنَ تَيْمِيَّةَ في استدلاله بالحديث المذكورِ على منْع السَّفَر لزيارة القبور، وسمَّاه غلطًا عجيبًا انْزَلَق فيه الشَّيْخُ، حيث قال: «ويتَرَتَّبُ على هذا الغَلَطِ العجيبِ الذي انْزَلَقَ فيه ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله أَنَّ الإِنْسان لا يجوز له أَنْ يَشُدَّ الرِّحال إِلَى زيارة رَحِمٍ أَوْ إِلَى طلب علْمٍ أَوْ إِلَى انتجاع رزْقٍ؛ لأَنَّ هذه الأَشْياءَ كُلَّها خارجُ المساجدِ الثَّلاثةِ».

ونحن نقول له: بل الغَلَطُ العجيبُ ما انْزَلَق إِلَيه فهْمُ الدَّكْتور؛ لأَنَّ الحديثَ الشَّريفَ يعني منْعَ السَّفَر إِلَى بِقاعٍ مخصوصةٍ لأَجْل التَّعبُّد فيها أَوْ عندها غيرِ المساجدِ الثَّلاثةِ؛ سواءٌ كانتْ هذه البِقاعُ مساجدَ أَوْ قبورًا أَوْ غيرَها.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1189)، ومسلم رقم (1397).