×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

وذلك لأَنَّ الإِرادةَ تنقسم إِلَى قِسْمَيْنِ: إِرَادةٍ كونيَّةٍ، وإِرَادةٍ شرْعيَّةٍ، والأَمْرُ ينقسم إِلَى قِسْمَيْنِ: أَمْرٌ كونيٌّ، وأَمْرٌ شرعيٌّ.

فالإِرَادةُ الكونيَّةُ والأَمْرُ الكونيُّ ليس مِن لازمِهما المحبَّةُ والرِّضا.

وأَمَّا الإِرَادةُ الشَّرْعيَّةُ والأَمْرُ الشَّرعيُّ فمِن لازمِهما المحبَّةُ والرِّضا.

وهذا التَّقسيم هو الذي يتمشَّى مع مَنْهج الشَّيخ، الذي هو مَنْهج السَّلَف، المَبْنِيُّ على أَدِلَّةِ الكتابِ والسُّنَّةِ، فالله لا يَأْمُر بالمعاصي، ولا يُريدها، ولا يرضاها شرعًا، لكنَّه أَرَادَها، وأَمَرَ بِها كونًا وقدرًا؛ لأَنَّه لا يَقَعُ في مُلْكه ما لا يُريد.

قال تعالى: ﴿وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَٰهَا تَدۡمِيرٗا [الإسراء: 16]. أي: أَمَرْنَاهُمْ بذلك كونًا وقدرًا.

وقال تعالى: ﴿وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ًٔاۚ [المائدة: 41]، ﴿إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغۡوِيَكُمۡۚ هُوَ رَبُّكُمۡ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ [هود: 34].

7- في (ص 201) يختم أَبُو زَهْرَةَ مباحثَه حوْلَ القَدَر بقوله: «هذه نظراتُ ابنِ تَيْمِيَّةَ في مسائل الجَبْر والاختيارِ وتعليلِ أَفْعال الله سبحانه وتعالى، وهو يُسنِد دائمًا ما يراه إِلَى السَّلَفِ الصَّالحِ مِن الصَّحابةِ والتَّابعين» انتهى.

وكأَنَّه بهذا التَّعبيرِ يتَّهم الشَّيْخَ في أَنَّه ينسب إِلَى السَّلَف بمُجرَّد رَأْيِه ما ليس مِن مذاهبهم!!

وهذه التُّهْمَةُ يُبطِلها الواقعُ؛ فإِنَّ الشَّيْخَ رحمه الله لم ينسب إِلَى السَّلَف إلاَّ ما هو موجودٌ في كتُبِهم، وما ثَبَتَتْ رِوايتُه عنهم، والشَّيْخُ أَتْقى للهِ مِن أَنْ يتقوَّلَ على السَّلَف ما لا يقولوه، لكنَّ أَبَا زَهْرَةَ لم يُراجِعْ كتُبَ الشَّيْخ، أَوْ أَنَّه يتعمَّد التَّلْبيسَ.


الشرح