والجواب عن ذلك أَنْ
نقول:
أَوَّلاً: الشَّيْخ رحمه
الله لا يمنع زيارةَ الرَّوضةِ الشَّريفةِ بقصد الصَّلاة فيها، فنِسْبةُ المنعِ
إِلَيه غيرُ صحيحةٍ، بل هو يرى اسْتِحْبابَ ذلك كغيره مِن علماء المسلمين عملاً
بالسُّنَّةِ الصَّحيحةِ، وأَبُو زَهْرَةَ لا يُفرِّق بيْن القبْر والرَّوضةِ.
ثانيًا: زيارةُ الرَّوضةِ الشَّريفةِ
إِنَّما القصْد منها شرعًا هو الصَّلاةُ فيها لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا
بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» ([1])، وليس القصْد مِن
زيارتِها التَّبَرُّكَ والتَّيمُّنَ بِها وتقديسَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
كما يزعم أَبُو زَهْرَةَ؛ لأَنَّ هذا مقصدٌ شِرْكيٌّ أَوْ بِدْعيٌّ
ثالثًا: التَّقْديس قد
يكون غُلُوًا ممنوعًا، ومُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حقُّه علينا المحبَّةُ
والمُتابعةُ والعملُ بشرْعِه، وترْكُ ما نَهَى عنه، وقد نَهَى صلى الله عليه وسلم
عن إِطْرَائِه، وهو المبالغة في مدْحِه، ولمَّا قال له رَجُلٌٌ: ما شَاءَ اللهُ
وشِئْتَ. قال: «أجَعَلْتَ لِلَّهِ نِدًّا، قُلْ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ»
([2])، وليس تقديسُ
المخلوق تقديسًا للهِ كما يقول؛ بل قد يكون شِرْكًا بالله عز وجل إِذَا تَجَاوَزَ
الحدَّ.
د- وقوله: «إِنَّ حديث: «لاَ
تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ» ([3])؛ يدلُّ على شَرَفِ
المسجد الذي دُفِنَ بجِوارِه...».
الجواب عنه: أَنَّ شَرَفَ المسجدِ النَّبويِّ ليس مِن أَجْل كون قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بجِوارِه؛ فإِنَّ فضْلَه ثابتٌ قبْل دَفْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بجِوارِه؛ لأَنَّه أَوَّلُ مسجدٍ أُسِّسَ على التَّقْوى، ولأَنَّه مسجدُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ؛ كما في
([1])أخرجه: البخاري رقم (1195)، ومسلم رقم (1390).