×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

قوله صلى الله عليه وسلم: «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ...» ([1])، ولم يَقُلْ: بعد موتي، والمساجدُ الثَّلاثةُ فُضِّلتْ على غيرها لكونها مساجدَ الأَنْبياءِ، لا مِن أَجْل القبور أَوْ مجاورة القبور، بل لأَنَّها أُسِّسَتْ على التَّوحيدِ والطَّاعةِ، لا على الشِّرْكِ والخُرافةِ.

هـ- قوله: «وقد دُفِنَ -يعني: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم - ببَيْتِ عَائِشَةَ الذي كان أَقْرَبَ بيوت أَزْواجه إِلَيه - يعني: المسجدَ -، وقد كان مُتَّصِلاً بالمسجد، وأَنَّه لو أُريدَ منْعُ زِيارةِ قبْرِه؛ لَدُفِنَ في مكانٍ بعيدٍ عن المسجد؛ كالبَقِيع».

الجواب عنه:

أَوَّلاً: إِنَّ هذا كلامُ مَن لا يعرف ما جَاءَ في السُّنَّة مِن الأَحَاديث ِالمُوضِّحةِ لمُلابسات دفْنِه صلى الله عليه وسلم في بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وما هو القصْد مِن ذلك؛ فإِنَّه صلى الله عليه وسلم لما مَرِضَ؛ اسْتأْذَنَ أَزْوَاجَه أَنْ يُمَرَّضَ في بيْت عَائِشَةَ رضي الله عنها ؛ لمحبَّته لها، ومحبَّة قُرْبِها منه، وتمرُّضِها له، فأُذِنَ له في ذلك، ولمَّا تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم ؛ دُفِنَ في المكان الذي تُوُفِّيَ فيه؛ لأَنَّ الأَنْبِيَاءُ يُدْفَنون حيث يموتون؛ كما جاء في الحديث، والقصد مِن ذلك خشْيةُ أَنْ يُفْتَتَنَ بقبْرِه صلى الله عليه وسلم لو دُفِنَ في مكانٍ بارزٍ، فيُتَّخذ مسجدًا وعيدًا مكانيًا، وقد كان صلى الله عليه وسلم يُحذِّر من ذلك فيقول: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيْدًا» ([2]).

ويقول: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([3]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1190)، ومسلم رقم (1394).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (2042)، وأحمد رقم (8804)، والبيهقي في الشعب رقم (3865).

([3])أخرجه: مالك رقم (85).