وأَبُو زَهْرَةَ لم
يذكر مثالاً واحدًا يدلُّ على صدْق ما يقول.
2- في (ص 193) قال:
«وعلى ذلك يُقرِّر ابنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ مذهب السَّلَف هو إِثْباتُ كلِّ ما جاء
في القرآن الكريمِ مِن فوقيَّةٍ وتحتيَّةٍ واستواءٍ على العرش ووجْهٍ ويدٍ
ومحبَّةٍ وبُغْضٍ، وما جاء في السُّنَّة من ذلك أيضًا من غير تأْوِيلٍ،
وبالظَّاهرِ الحرْفيِّ، فهل هذا هو مذهب السَّلَف حقًّا؟
ونقول في الإِجَابة
عن ذلك: لقد سَبَقَه بهذا الحنابلةُ في القَرْن الرَّابع الهجريِّ كما بيَّنَّا
وادَّعوا! أَنَّ ذلك مذهب السَّلَف، ونَاقَشَهم العلماءُ في ذلك الوقْتِ،
وأَثْبَتوا أَنَّه يُؤَدِّي إِلَى التَّشْبيه والجِسْميَّةِ لا محالةَ، وكيف لا
يُؤَدِّي إِلَيها والإِشَارةُ الحِسِّيَّةُ إِلَيه جائِزةٌ؟ـ! لهذا تصدَّى لهم
الإِمَامُ الفقيهُ الحنْبليُّ الخَطِيبُ ابْنُ الجَوزِيِّ، ونفى أَنْ يكون ذلك
مذهب السَّلَف، ونفى أَيْضًا أَنْ يكون ذلك رَأْيَ الإِمَام أَحْمَدَ».
انتهى كلامه، وفيه
مِن الخلْط والكَذِبِ ما لا يخفى، وبيان ذلك كما يلي:
أ- اتَّهَمَ شيخَ
الإِسْلام ابنَ تَيْمِيَّةَ واتَّهَمَ معه الحنابلةَ بأَنَّهم نَسَبوا إِلَى
السَّلَف ما لم يقولوه ولم يعتقدوه في صفات الله تعالى، وهذا اتِّهامٌ ظاهرُ
البُطْلان؛ فإِنَّ ما قاله الحنابلةُ وقاله شيْخُ الإِسْلام موجودٌ في كلام
الأَئِمَّة الأَرْبعةِ وغيرِهم وفي كتُبِهم، وقد نَقَلَ ذلك عنهم شيْخُ الإِسْلام
ابنُ تَيْمِيَّةَ، وعَزَاه إِلَى مصادره مِن كتُبِهم التي يُوجَد غالبُها في
أَيْدي النَّاس اليوم.
وانظر -على سبيل
المثال-: ما ذَكَره عنهم في «الرِّسالة الحمويَّة».