انتهى المقصود مِن
كلامه، وهو كما ترى فيه من الخلْط والرَّكاكةِ والكذبِ على الشَّيْخ الشيءُ
الكثيرُ، وهو بين أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنَّه لمْ
يفهم كلامَ الشَّيْخ.
وإِمَّا أَنَّه
يفهمه، لكنَّه يُحاوِل الالْتِواءَ والتَّلْبيسَ!!
فإِنَّ الشَّيْخَ
رحمه الله يُقرِّر في سَائِرِ كتُبِه أَنَّ مذهب السَّلَف وهو المذهب الذي يعتقده
ويدين اللهَ به، وكلُّ مُرِيدٍ للحقِّ يعتقده ويدين به: أَنَّ نصوصَ الصِّفات تجري
على حَسَب ظواهرها، وتُفسَّر بمعناها الذي تدلُّ عليه أَلْفاظُها؛ مِن غير
تَأْوِيلٍ ولا تحريفٍ، وأَمَّا كيفيتُها فيجب تَفْويضُها إِلَى الله سُبْحانه؛
لأَنَّه لا يعلمها إلاَّ هو.
وهذا هو الذي
يُقرِّره علماءُ السَّلَف في كتُبِهم، وفيما يُرْوَى عنْهم بالأَسانيد الصَّحيحةِ:
أَنَّ المعنى معلومٌ والكيفَ مجهولٌ في كلِّ الصِّفات.
فالتَّفْويض إِنَّما
هو للكيْفيَّة، وأَمَّا المعاني؛ فهي معلومةٌ مُفسَّرةٌ لا تفويضَ فيها ولا
غُموضَ.
ولا يلزم مِن
إِثْبات صفات الله بالمعنى التي دلَّت عليها النُّصوصُ تشْبيهُ الله بخلْقه؛
لأَنَّ للهِ صفاتٍ تخصُّه وتليق به، وللمخلوقين صفاتٍ تخصُّهم وتليق بهم، ولا يلزم
من الاشْتِراك في المعنى الكلِّيِّ الموجودِ في الأَذْهان بيْن صفات الله وصفات
خلْقه الاشْتِراكُ في الحقيقة والكيفيَّةِ الخارجيَّةِ.
وقد أَثْبَتَ اللهُ
لنفسه تلك الصِّفاتِ ونَفَى عن نفْسِه المُماثَلةَ والمُشابَهةَ للمخلوقات، فقال
تعالى: ﴿لَيۡسَ
كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].