وأَمَّا ما
انْفَصَلَ مِن جَسَدِه صلى الله عليه وسلم أَوْ لاَمَسَه؛ فهذا يُتَبَرَّك به
إِذَا وُجِدَ وتحقَّق في حال حياته وبعد موته إِذَا بَقِي، لكنَّ الأَغْلَبَ أَنْ
لا يبقى بعد موته، وما يدَّعِيه الآن بعض الخُرافيِّين مِن وُجودِ شيءٍ مِن
شَعْرِه أَوْ غيرِ ذلك؛ فهي دعوًى باطلةٌ لا دليلَ عليها.
يقول الشَّيْخُ
مُحَمَّدُ نَاصِرُ الدِّينِ الأَلْبانيُّ في كتابه «التَّوسُّل أَنْواعُه
وأَحْكامُه» في (ص 143): «ونحن نعلم أَنَّ آثارَه صلى الله عليه وسلم مِن ثيابٍ
أَوْ شَعْرٍ أَوْ فَضَلاتٍ قد فُقِدَتْ، وليس بإِمْكان أَحَدٍ إِثْباتُ وجودِ
شيْءٍ منها على وجْه القطْعِ واليقينِ، وإِذَا كان الأَمْرُ كذلك؛ فإِنَّ
التَبَرَّكَ بِهذه الآثارِ يُصْبِحُ أَمْرًا نظريًا محضًا فلا ينبغي إِطَالةُ
القول فيه» انتهى.
فقول فضيلتِكم: «نلتقي على قاعدة
الاستمرار لذلك التَّبَرُّك»؛ لا معنًى له، إِذْ لا وُجودَ لهذه الآثارِ الآن؛
لِتطاوُل الزَّمَن الذي تَبْلى معه هذه الآثارُ وتَزُول، ولِعدم الدَّليل على ما
يُدَّعى بقاؤُه منها بالفعْل، فلا دَاعِيَ لهذا التَّعبِ الذي تُجشَّمْتَه
-حَفِظَك الله- في سبيل شيءٍ لا وجودَ له الآن.
3- وما ختمتم به
كَلِمَتَكم: مِن ذكْر ما أَشَادَ به أَبُو زَهْرَةَ في حقِّ شَيْخِ الإِسْلامِ
ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وقلْتُم: «لعلَه تَدَارَكَ لِمَا كَتَبَه في حقِّه مِن
الهمْز والتَّنْقصِ».
فنقول: أَوَّلاً: يا فضيلةَ
الشَّيْخ! هُو لم يُصرِّحْ برُجُوعِه عن الطَّعْن في الشَّيْخ حتَّى يُغتفَر له ما
سَبَقَ إِنُ قُدِّر سَبْقُه.
وثانيًا: هذا لا يمنع من ردِّ ما ذَكَره في حقِّ الشَّيْخ مِن السَّبِّ البذِيءِ في هذا الكتابِ؛ لئَلاَّ يغْتَرَّ به من يَقْرَؤُه، فما كلُّ النَّاس يجْتمع عنده الكتابان.