×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 وكان أَمِيرُ المؤمنين معاوِيَةُ بْنُ أبي سفيان يَنْهَى القُصَّاصَ عن القَصَصِ؛ لِمَا في قَصَصِهِم من الغرائب، والتَّساهل في النَّقل، وغير ذلك، ويقول: «لا يقصُّ إلاَّ أمير، أو مأمور»، وكلُّ هذا مُحَافَظَةٌ على لزوم الثَّبات على الصِّراط المستقيم؛ علمًا وعملاً ونيَّةً وقصدًا، وترك كلِّ ما كان وسيلة إلى الخروج عنه من البدع، ووسائلها، والله الموفِّق للصَّواب، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله. انتهى.

فإذا كانت هذه طريقة الشَّيخ فيما ينبغي أن يقرأ من الكتب، وما ينبغي أن يترك ممَّا يؤثِّر على عقائد النَّاس، فكيف يؤلِّف كتابًا من هذا القبيل مشحونًا بالرِّوايات الواهية، والحكايات الغريبة، ولا سيَّما في موضوع حَالِ البَرْزَخِ الَّتي هي من عِلْمِ الغيب الَّذي لا يجوز الكلام فيه إلاَّ بما ثبت عن الله ورسوله، ولا يجوز الاعتماد فيه على الأحاديث الضَّعيفة والمعلومة والحكايات والمنامات، ممَّا يشمل عليه هذا الكتاب المشبوه.

إنَّ شَيْخَ الإسلام محمَّدَ بْنَ عَبْدِ الوهَّاب أَبْعَدُ ما يكون عن موضوع هذا الكتاب، وكلُّ من قرأ كُتُبَهُ وَعَرَفَ مَنْهَجَهُ العِلْمِيَّ والعَمَلِيَّ يَجْزِمُ بِنَفْيِ هذا الكتاب عَنْهُ، وَبَرَاءَتِهِ مِنْهُ، وكلٌّ يعلم أنَّه لا يكفي في نسبة الكتاب إلى شخص ما وُجُودُهُ بِخَطِّهِ، لو فَرَضْنَا أنَّ هذا الكِتَابَ بِخَطِّ الشَّيخِ؛ فقد ينسخ العالم مؤلَّفًا لِغَيْرِهِ، وهو لا يَرْتَضِيهِ؛ إمَّا للرَّدِّ عليه والتَّحْذِيرِ منه، أو لِغَيْرِ ذلك من الأغراض، وكان أهل العلم ينسبون الكتب إلى مؤلِّفيها عن طريق الرِّواية بالسَّند المتَّصل إليهم، أو عن طريق الاستفاضة الَّتي تُغْنِي عن السَّنَدِ، مع مطابقة تلك الكتب لمنهجهم العلميِّ، أمَّا أن ينسب كتاب إلى شخص لمُجَرَّد تَوَهُّم أنَّه بِخَطِّه، فليس هذا من التَّحْقِيقِ العِلْمِيِّ في شَيْءٍ، ولا هو مِنْ مَنْهَجِ العلماء.


الشرح