×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 ثمَّ إنَّ هذا التَّفسِيرَ الَّذي ذَكَرَهُ لم يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ يُعْتَمَدُ على قَوْلِهِ مِنَ المُفَسِّرِينَ.

تعلقه بنفي عائشة رضي الله عنها رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج؛ ليحتج به نفي الرؤية في الآخرة:

ثمَّ يَمْضِي السَّيَّابيُّ في مُغَالَطَاتِهِ فيقول: «كما أنَّ عَائِشَةَ أمَّ المؤمنين رضي الله عنها استدلَّت بقوله تعالى: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ [الأنعام: 103] على نفي رؤية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ربَّه في جوابها لمسروق في الحديث الَّذي رواه الرَّبيع والبخاريُّ ومسلم».

ثمَّ إنَّه أراد دَفْعَ الإجابة الصَّحيحة عن هذه المُغَالَطَةِ، فقال: «فإن قيل: إنَّ ذلك الاسْتِدْلالَ كَانَ عَلَى نَفْيِهَا في الدُّنيا، لا في الآخرة، فالجَوَابُ عن ذلك من وجهين:

الوجه الأوَّل: أنَّ صِفَاتِ الله - تعالى - لا تتغيَّر، ولا تتبدَّل؛ فهي في الأَزَل، وفيما لا يزال؛ إذ إنَّ التَّغيُّرَ من سمات الحدوث، وهو شأن المخلوقين.

الثَّاني: أنَّ مَنْزِلَةَ الرَّسول صلى الله عليه وسلم في قاب قوسين أو أدنى يمكن أن تقاس على منزلته في الآخرة؛ لأنَّ رِحْلَةَ الإسراء والمعراج كانت نَقْلَةً من جَوٍّ إلى جوٍّ آخر، ومن مقام إلى مقام آخر؛ فلو كانت رؤيته - تعالى - ممكنة وجائزة، لرأى الرَّسول صلى الله عليه وسلم ربَّه ليلة الإسراء والمعراج».

والجواب عن ذلك من وجوه:

الوجه الأوَّل: أنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قََطْعًا تريد من هذا النَّفي نَفْيَ رُؤْيَتِهِ في الدُّنيا، ولا تريد نَفْيَ ما ثبت بالأدلَّة القاطعة من رؤيته في الآخرة، وصانها الله عمَّا نَسَبْتَه إليها من مخالفة كتاب الله وسنَّة نبيِّه، وقد ظَنَنْتَ


الشرح