أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها تثبت
الرُّؤية في الدَّار الآخرة، وتنفيها في الدُّنيا، وتحتجُّ بهذه الآية: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ
ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ﴾ [الأنعام: 103] ؛
فالَّذي نفته الإدراك الَّذي هو بمعنى رؤية العظمة والجلال على ما هو عليه؛ فإنَّ
ذلك غَيْرُ ممكن للبشر، ولا للملائكة، ولا لشيء...». انتهى.
والمؤمنون وإن رأوا
ربَّهم في الآخرة، فإنَّهم لا يدركون جلاله وعظمته إدراك إحاطة؛ كما أنَّ من رأى
القمر لا يدرك حقيقته وكُنْهَه وماهيَّته؛ فالعظيم أولى بذلك، وله المثل الأعلى.
قيل لعكرمة:﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ﴾ [الأنعام: 103] ما
المقصود بها؟ قال: ألست ترى السَّماء؟ قال: بلى. قال: فكلَّها ترى؟!!
الوجه الرَّابع:
وأمَّا قوله: «فلو كانت رُؤْيَتُهُ تعالى مُمْكِنَةً وجَائِزَةً، لرأى الرَّسولُ صلى
الله عليه وسلم ربَّه ليلة الإسراء والمعراج».
نقول: لا تَلازُمَ بين
هذا وهذا؛ فلا يلزم من عدم رؤيته ليلة المعراج، عَدَمُ رؤيته في الآخرة؛ لأنَّ
المِعْرَاجَ وَقَعَ في الدُّنيا قبل الموت، ورؤية المؤمنين له تقع في الآخرة بعد
الموت، وحالة الدُّنيا غير حالة الآخرة كما سبق.
رد ادعائه أن الأدلة
دلت على نفي الرؤية في الدنيا والآخرة:
قال السَّيَّابيُّ: «وهناك الكثير من
الأدلَّة النَّقليَّة والعقليَّة على نفي رؤية الله تعالى دنيا وأخرى».
أقول: أمَّا نفي رؤيته في
الدُّنيا؛ فهو صحيح؛ فقد دلَّت عليه الأدلَّة.
وأمَّا نفي رؤيته في الآخرة، فالأدلَّة تدلُّ عليه في حقِّ الكفَّار؛