×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 أمَّا المؤمنون، فالأدلَّة تدلُّ على ثبوتها لهم، والواجب نفي ما نفاه الله، وإثبات ما أثبته. هذا هو سبيل المؤمنين.

زعمه أن سؤال رؤية الله فكرة يهودية، والرد عليه:

ثمَّ استمرَّ السَّيَّابيُّ في مغالطته وتضليله، فقال ما ملخَّصه: «إنَّ سُؤَالَ الرُّؤية قد صدر عن اليهود؛ حيث قالوا لموسى عليه السلام: ﴿لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ [البقرة: 55]، وعن المشركين حيث قال تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَوۡ نَرَىٰ رَبَّنَاۗ لَقَدِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ وَعَتَوۡ عُتُوّٗا كَبِيرٗا [الفرقان: 21]، وقد حذَّر الله عباده المؤمنين، ونهاهم عن سؤال الرُّؤية، فقال: ﴿أَمۡ تُرِيدُونَ أَن تَسۡ‍َٔلُواْ رَسُولَكُمۡ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۗ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ [البقرة: 108] ».

قال: «فعلَّقَ سبحانه وتعالى على سؤال الرُّؤية والطَّمَعِ فيها، اسْتِبْدَالَ الكُفْرِ بالإيمانِ الَّذي يتحتَّم عليه الضَّلالُ عَنِ الطَّريقِ السَّوِيِّ، ألا وهو دِينُ الله، وَكَفَى بذلك تنفيرًا للمؤمنين.

فإن قيل: امتناع وقوعها إنَّما هو في الدُّنيا؛ فالجواب قد تقدَّم بأنَّ صِفَاتِ الله لا تتغيَّر؛ فهي هي في الأَزَلِ، وفيما لا يَزَالُ.

فإن قيل: إنَّ امْتِنَاعَهَا عن اليهود والمشركين إنَّما هو لِكُفْرِهِم، فالجَوَابُ أَيْضًا أنَّ اللهَ لم يَعِدْهُمْ بها لو اهتدوا واستقاموا، وإنَّما وجَّه إليهمُ الزَّجْرَ، والتَّوْبِيخَ، وَأَرْسَلَ على اليَهُودِ الصَّاعِقَةَ».

والجَوَابُ عن ذلك أن نقول: ما أَعْظَمَ تلبيس هذا الرَّجُل، حيث جعل سُؤَالَ المؤمنين ربَّهم أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ الكريم يَوْمَ القيامة محبَّةً له، وَشَوْقًا إليه، مثل سؤال اليهود والمشركين لأنبيائهم أن يروهم الله جَهْرَةً في الدُّنيا، من باب التَّكبُّر والعناد.


الشرح