أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى
اللَّهِ الأَمَانِيَّ» ([1]).
قال: «فهل يَلِيقُ
بالمسلم أن يَعْتِقَدَ عقيدة اليهود الباطلة الَّتي أنكرها الله عليهم إنكارًا
شديدًا، وشنَّع عليهم فيها، حيث اعتبرها ناشئة عن افترائهم وغرورهم؟!ـ». انتهى
كلامه، وقد نقلتُه بطوله؛ ليعلم النَّاظر فيه ما عند الرَّجل من الجهل والتَّخليط
والتَّغليط ولبس الحقِّ بالباطل، فيكون في ذلك عِبْرَةٌ لأُولِي الأبصار.
والجواب عنه من
وجوه:
الوجه الأوَّل: أنَّه جَعَلَ منشأ
القول بعدم تخليد العصاة المؤمنين بالنَّار ناشئًا عن مقالة اليهود، وهذا جَحْدٌ
لما في كتاب الله وسنَّة رسوله من الأدلَّة على هذه المسألة كما نبيِّنه.
الوجه الثَّاني: أنَّه سوَّغ القول بتخليد مرتكب الكبيرة من المؤمنين في النَّار بأنَّ هذا فيه دفع مفاسد اجتماعيَّة، وحثٌٌّ على التزام منهج الإسلام وتعاليمه، وهذا التَّسويغ باطل؛ لأنَّه في مقابله النُّصوص الصَّحيحة الصَّريحة الدَّالَّة على خروج مرتكب الكبيرة من النَّار إذا كان في قلبه مثقال حبَّة من خردل من إيمان، وقد يعفو الله عنه، فلا يدخلها أصلاً؛ قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ ٣٢ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ﴾ [فاطر: 32- 33] الآية.
([1])أخرجه: أحمد رقم (17123)، والترمذي رقم (2459)، وابن ماجه رقم (4260)، والحاكم رقم (191).