فأخبر أنَّ كلَّ هذه
الأصناف الثَّلاثة تدخل الجنَّة، ومنهم الظَّالم لنفسه، وهو العاصي معصية دون
الشِّرك، وإن كان دخول هذه الأصناف في الجنَّة يتفاوت.
وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ
أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48].
فوعد بمغفرة ما دون
الشِّرك من المعاصي لمن يشاء، وهذا يدخل فيه أصحاب الكبائر.
وقد أخبر النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم في الحديث المتَّفق على صحَّته أنَّه يخرج من النَّار من كان
في قلبه مثقال ذرَّة من إيمان. قال أبو ذرٍّ: وإن زنا وإن سرق؟ـ! وكرَّرها. قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَإِنْ زَنَا، وَإِنْ سَرَقَ، رَغْمَ أَنْفِ
أَبِي ذَرٍّ» ([1]).
وأمَّا التَّنْفِيرُ
من المَعَاصِي والتَّحذير منها، فهو مَطْلُوبٌ، لكنَّه لا يكون بجحود ما أنزل
الله، وبيَّنه رسوله، من سعة مغفرة الله وعفوه عن العصاة، وإخراج أصحاب الكبائر من
النَّار، وإنَّما يكون بالوعظ، والتَّذكير، وتنفيذ الحدود الشَّرعيَّة؛ برجم
الزَّاني، أو جلده، وجلد الشَّارب والقاذف، وقطع يد السَّارق، وقتل القاتل قصاصًا،
وتفسيق أصحاب الكبائر، وإسقاط عدالتهم حتَّى يتوبوا، وتعزير أصحاب المعاصي الَّتي
لا حدَّ فيها، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وتعليم الجاهل، وغير ذلك.
ودخول النَّار - والعياذ بالله - ليس بالهيِّن، ولو أُخْرِجَ منها بعد ذلك؛ فإنَّه شديد وخطير، يحمل المسلم على الابتعاد عن المعاصي.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1237)، ومسلم رقم (94).