الوجه الثَّالث: مساواته بين قول
أهل السُّنَّة بخروج عصاة الموحِّدين من النَّار، وعدم الخلود فيها - كما تقتضيه
نصوص الكتاب والسُّنَّة - وبين قول اليهود: ﴿لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ﴾ [البقرة: 80]، و﴿أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۖ﴾ [آل عمران: 24] !!
وهذا باطل من وجهين:
الأوَّل: أنَّ اليهود
كفَّار، والكافر مخلَّد في النَّار، وأمَّا عصاة الموحِّدين فهم مؤمنون ناقصو
الإيمان، وموحِّدون، ولا مساواة بين مشرك وموحِّد ومؤمن وكافر؛ قال تعالى: ﴿أَفَنَجۡعَلُ
ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ ٣٥ مَا
لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ﴾ [القلم: 35- 36].
والثَّاني: أنَّ اليَهُودَ -
لعنهم الله - ليس لهم حُجَّةٌ فيما قالوه، ولهذا قال سبحانه: ﴿قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ
ٱللَّهِ عَهۡدٗا فَلَن يُخۡلِفَ ٱللَّهُ عَهۡدَهُۥٓۖ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ
مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 80].
وأمَّا عصاة
الموحِّدين، فقد وردت الأدلَّة من الكتاب والسُّنَّة، وقامت الحجَّة لهم على عدم
تخليدهم في النَّار، فأين هذا من ذاك؟! والَّذي يسوِّي بين مؤمن وكافر قد سوَّى
بين ما فرَّق الله، وحادَّ الله في أمره.
الوجه الرَّابع: أنَّه لا حُجَّةَ
له في قوله تعالى: ﴿بَلَىٰۚ
مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيَٓٔتُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ
هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ﴾ [البقرة: 81] ؛ لأنَّ المُرَادَ بالخطيئة المحيطة
خَطِيئَةُ الكفر، لا مطلق الخطيئة؛ لأنَّ اللهَ قيَّدها بقوله: ﴿وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيَٓٔتُهُۥ﴾ ؛ فدلَّ على أن
الخطيئة غير المحيطة - وهي ما دون الكفر - لا يُخَلَّدُ صاحبها في النَّار؛ ففي
الآية ردٌّ عليه.