ولو لم يحصل عمل، أو أنَّ الإيمَانَ هو
التَّصْدِيقُ بالقلب فقط؛ كما يقوله الأشاعرة، أو هو التَّصديق بالقلب من النُّطق
باللِّسان، وهذا الأخير قد يقول به بعض أهل السُّنَّة، وجمهورهم على خلافه،
يقولون: إنَّ الإيمَانَ قَوْلٌ باللِّسَانِ، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد
بالطَّاعة، وينقص بالمعصية.
وأمَّا قَوْلُ أهل
السُّنَّة: إنَّ مُرْتَكِبَ الكبيرة من المؤمنين لا يخلَّد في النَّار، فليس
إِرْجَاءً - وإن سمَّاه إِرْجَاءً - وكذلك رُؤْيَةُ المؤمنين لربِّهم يَوْمَ
القيامة، كما أثبتها الله في كتابه، وأثبتها رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم في
سُنَّتِهِ - وَإِنْ سَمَّاهَا تجسيمًا - فهو لا يغيِّر من الحقِّ شيئًا.
فأهل السُّنَّة لا
يهمُّهم مثل هذه التَّشنيعات، ما داموا على الحقِّ متمسِّكين بالكتاب والسُّنَّة،
فما زال أَهْلُ الحقِّ في كلِّ زمان يُلقَّبُونَ بأشنع الألقاب، وهذا ممَّا يرفع
درجاتهم عند الله، ﴿وَلَا
يَحِيقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا
سُنَّتَ ٱلۡأَوَّلِينَۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗاۖ وَلَن تَجِدَ
لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحۡوِيلًا﴾ [فاطر: 43].
زعمه أن الحنابلة هم
الذين اهتموا بإنكار القول بخلق القرآن تعصبًا لإمامهم:
ثمَّ قال
السَّيَّابيُّ تحت عنوان خلق القرآن: «إنَّ الحنابلة يهتمُّون بهذه المسألة
اهتمامًا بالغًا». وأرجع هذا الاهتمام عندهم إلى أنَّه مَسْأَلَةُ عَاطِفَةٍ؛
لِكَوْنِ الإمام أحمد عُذِّبَ عليها؛ قال: «ومن الخطأ أن تكون العَاطِفَةُ
مِقْيَاسَ الخطأ والصَّواب، وربَّما عاب الحنابلة على بعض المذاهب عاطفتهم،
وَتَقْدِيسَهُم للأشخاص، ولكنَّهم وقعوا في أنفسهم فيما عابوا به الآخرين».