وجوابنا على ذلك أن
نقول: إنَّ الَّذين أنكروا القول بخلق القرآن ليسوا هم الحنابلة فقط، بل جميع
أهل السُّنَّة؛ من المحدِّثين، وفقهاء المذاهب الأربعة، وغيرهم، غَيْرَةً لكتاب
ربِّهم عز وجل ومؤلَّفاتهم في ذلك كثيرة مشهورة.
قال الإمام
الطَّحاويُّ الحنفيُّ رحمه الله في «عقيدته» ما نصُّه: «وإنَّ القُرْآَنَ كَلامُ
الله؛ منه بدأ بلا كيفيَّة قولاً، وأنزله على رسوله وَحْيًا، وصدَّقه المؤمنون على
ذلك حقًّا، وأيقنوا أنَّه كلام الله تعالى بالحقيقة؛ ليس بمخلوق ككلام البريَّة،
فمن سمعه فزعم أنَّه كلام البشر، فقد كفر، وقد ذمَّه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث
قال تعالى: ﴿سَأُصۡلِيهِ
سَقَرَ﴾ [المدثر: 26]، فلمَّا أوعد الله بسقر لمن قال: ﴿إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ﴾ [المدثر: 25]،
عَلِمْنَا وأَيْقنَّا أنَّه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر». انتهى.
وهذه العقيدة
مُتلقَّاةٌ بالقبول عند جميع أهل السُّنَّة.
قال السُّبكيُّ
الشَّافعيُّ: «جمهور المذاهب الأربعة على الحقِّ يقرُّون عقيدة الطَّحاويِّ الَّتي
تلقَّاها العلماء بالقبول».
وقال شارحها ابْنُ
أبي العزِّ الحنفيُّ على هذه الجملة التي نقلناها: «هذه قَاعِدَةٌ شَرِيفَةٌ،
وَأَصْلٌ كَبِيرٌ مِنْ أُصُولِ الدِّين، ضلَّ فيه طوائف كثيرة من النَّاس، وهذا
الَّذي حكاه الطَّحاويُّ رحمه الله هو الحقُّ الَّذي دلَّت عليه الأدلَّة من
الكتاب والسُّنَّة لمن تدبَّرها، وشهدت به الفطرة السَّليمة الَّتي لم تتغيَّر
بالشُّبهات والشُّكوك والآراء الباطلة».
وقال الإمام محمَّد
بن جرير الطَّبريُّ إِمَامُ المُفَسِّرِينَ رحمه الله في عقيدته المشهورة: «أوَّل
ما نبدأ القَوْلَ به من ذلك عندنا أنَّ القُرْآَنَ كَلامُ الله،